العفو صفة من صفات الله تعالى، ولولا عفوه تعالى عن خلقه ما ترك على الأرض من دابة. و هو خلق الأنبياء والمرسلين في عفوهم عن أقوامهم وهم يؤذونهم ويعذبونهم. وهو أيضا خلق الكرام من الناس. فمن أراد أن يعفو الله عنه فعليه أن يعفو عن الناس، ومن أراد أن يسامحه الله فعليه أن يسامح الناس. وأهل العفو, هم أهل الإحسان، وهم أحباء الله تعالى و خاصته.
قال تعالى
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {134} آل عمران و والمعنى, إذا ثار بهم الغيظ, كتموه وعفوا مع ذلك عمن أساء إليهم.
وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {40}الشورى.
شرع الله العدل والقصاص كقوله, فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ … {194}البقرة, وخير المسلم في العفو والحلم.
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {34} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {35} فصلت.
والمعنى أن من أساء إليك, فادفع عنك ظلمه بالإحسان إليه, كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه .[1]
عن عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث والذي نفس محمد بيده ان كنت لحالفا عليهن لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا ولا يعفو عبد عن مظلمة يبتغى بها وجه الله الا رفعه الله بها عزا.[2]
عن أبي بن كعب رضي الله عنه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من سره أن يشرف له البنيان[3],وترفع له الدرجات, فليعف عمن ظلمه, ويعط من حرمه, ويصل من قطعه [4].
وقيل لقيس بن عاصم : ما الحلم؟ قال: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرَمك، وتعفو عمن ظلمك.
وقال الحسن – رضي الله عنه -: المؤمن حليم لا يجهل وإن جهل الناس عليه، وتلا قوله – تعالى
إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا الفرقان: 63.
قيل, لا يظهر الحلم إلا مع الانتصار كما لا يظهر العفو إلا مع الاقتدار
قال معاوية لخالد بن المعمر: كيف حبك لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه, قال, أحبه لثلاث خصال, على حلمه إذا غضب, و على صدقه إذا قال, و على وفائه إذا وعد.
شتم أحد الشعبي فقال له: إن كنت صادقا فغفر الله لي , و إن كنت كاذبا فغفر الله لك.[5]
———————————————–