الإحسان والإنفاق في سبيل الله
الإحسان والإنفاق في سبيل الله
1– الإحسان
قال تعالى :
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ … {90} النحل.
ومعنى,العدل إستواء السريرة والإحسان, أن تكون سريرته أحسن من علانيته .
قال تعالى :
لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {26} يونس.
هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {60}الرحمن.
يخبر الله تعالى في معنى الآيتين أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله الحسنى في الدار الآخرة.
قال ابن كثير في تفسير الآية, لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ, هي تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة إلى عشر أمثالها بل إلى سبعمائة ضعف وزيادة.
والمراد ب وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ , لا يحصل لهم إهانة في الباطن ولا في الظاهر في عصرات المحشر.
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, في حديث رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه:إن الله عز وجل يبعث يوم القيامة مناديا ينادي أهل الجنة بقول يسمع أولهم وآخرهم إن الله تعالى وعدكم الحسنى وزيادة فالحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمن.[1]
قال تعالى :
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {77}القصص .
والمعنى,على المؤمن أن يصرف عمله في الدار الدنيا فيما ينفعه في الدار الآخرة, وأن يطيع الله ويعبده كما أنعم الله عليه, و أن لا يتكبر في الأرض ويفسد فيها , وأن لا يسيء إلى خلق الله .
قال الإمام متولي الشعراوي رحمه الله في تفسير الآية 113 من آل عمران : الإحسان وصف للإنسان الذي آمن بربه فعبد الله بأكثر ما افترض عليه من قيام الليل وغير ذلك من العبادات.[2]
وقال أيضا : مقام الإحسان يعلوا مقام الإيمان، فالإنسان في مقام الإيمان, قد يخرج من ماله بحدود الزكاة أو أكثر بقليل, لكن في مقام الإحسان, فلا حدود لما يخرج من المال .[3]
2- الانفاق في سبيل الله
قال تعالى :
الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {274}البقرة.
وهذه الآية نزلت في الذين ينفقون بالليل والنهار من غير تبذير ولا تقتير.
وأخبر الله تعالى أن المن والأذى يبطل الصدقة, بقوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ… {264} البقرة .
و أمر الله عز و جل عباده المؤمنين، أن ينفقوا من أطيب المال وأجوده و أن لا يتصدقوا بالمال الحرام و أن لا يغضوا البصر عن كونه مال حرام، لأن الله غني عن نفقاتهم، محمود على كل حال, بقوله :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ {267} البقرة .
وفي ما يلي أحاديث نبوية شريفة تعبر أحسن تعبير عن الإنفاق في سبيل الله من المال الحلال الطيب, وعن البر باليتيم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله, إمام عادل, وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه متعلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه, ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه, ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه, ورجل دعته ذات حسب وجمال فقال إني أخاف الله, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.[4]
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من مسح رأس اليتيم لا يمسحه إلا الله, كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنة، ومن أحسن إلى يتيم أو يتيمة عنده, كنت أنا وهو هكذا في الجنة وفرَّق بين إِصبعَيهِ السَّبابةِ والوُسطى [5]
عن أبي الدرداء رضي الله عنه, قال :أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه قال : أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك, ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك, يلين قلبك وتدرك حاجتك.[6]
عن أبي هريرة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : السخي قريب من الله, قريب من الجنة, قريب من الناس, بعيد من النار, والبخيل بعيد من الله, بعيد من الناس, قريب من النار, ولجاهل سخي أحب إلى الله عز وجل, من عابد بخيل.[7]
——————————–
كنز العمال الهندي ح.3/299[1]
مقام الإحسان- متولي الشعراوي[2]
مقام الإحسان – متولي الشعراوي[3]
موطأ مالك ح1709-ج2/952[4]
السنن و الأحكام . ضياء الدين المقدسي3/364[5]
السلسة الصحيحة الألباني 508/2[6]
مسند الترمذي ح.1961-ج4/342[7]