عقوق الوالدين هي مُخَالَفَةُ الْوَالِدَيْنِ فِيمَا يَأْمُرَانِ بِهِ مِنَ الْمُبَاحِ، وَسُوءُ الْأَدَبِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.[1]
قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) الإسراء
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ثَلَاثًا. قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ“.[2]
وعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:” إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ، عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ…“.[3]
وعقوق الوالدين سببُ في غضب الله تعالى على الأبناء.
فقد روي عَن عبد اللَّه بن عمرو بنِ العاص رضي الله عنهما، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:” رِضَى الرَّب فِي رِضَى الْوَالِدِ وَسَخَطُ الرَّب فِي سَخَطِ الْوَالِد. “[4]
ودعوة الوالد على الولد العاق، مستجابة عند الله.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات: دَعْوَةُ الْمَظْلُوم، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِر، وَدَعْوَةُ الْوَالِد عَلَى وَلَدِه”[5]
وعقوق الوالدين من كبائر الذنوب والآثام، والعاق معرض بعقوقه، لسخط الله وغضبه.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: “…مَلْعُونٌ مَنْ عَقَّ وَالِدَيْه… “[6]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِم يَوْمَ الْقِيَامَة: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّة: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْر، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى .”[7]
وفي هذا زجر وترهيب شديد، من عقوق الوالدين. فالواجب على الولد أن يحسن لوالديه، ويطيعهما في المعروف.
ويجب أن يتذكر الإنسان أنَّ والديه، أصل وجوده، بما تعاهداه من حمل أمه له، وتربيته وتعب والديه لحمايته وصونه.
لهذا يتوجب عليه التواضع والخضوع، واستشعار الذل أمامهما، لقوله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {24} الإسراء.
ومن أشكال البر بالوالدين، أن يدعو لهما بالرحمة أحياء وأمواتا، جزاء على تربيتهما إياه صغيرا، وألا يقاطعهما عند حديثه مع أحدهما، وأن يخفض صوته في حضرتهما، لأن رفع الصوت علامة التمرد والتهاون، بمقام الوالدين، وأن يقوم بزيارتهما وطاعتهما وإظهار الحب والاحترام لهما.
ويعتبر الإسلام، البر بالآباء من أفضل أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، لحديث رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: “أقبل رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله، قال: فهل من والديك أحدٌ حيٌّ؟ قال: نعم، بل كلاهما، قال: فتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم، قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما.“[8]
وقال ابن حجر رحمه الله، في شرح الحديث: “إن كان لك أبوان فبالغ جهدك في برهما، والإحسان إليهما؛ فإن ذلك يقوم لك، مقام قتال العدو.”[9]
———————-
[1] كتاب البر والصلة -116– أبي الفرج ابن الجوزي – ط. مؤسسة الكتب الثقافية
[2] البخاري -2654, ومسلم -87 باختلاف يسير
[3] البخاري – 2408, مسلم – 593, وأحمد 18147, وابن حبان 5555 , باختلاف يسير
[4] أخرجه الترمذي (1899)، والحاكم (7249)، وابن حبان (429) باختلاف يسير.
[5] أخرجه أبو داود (1536)، والترمذي (1905)، وابن ماجه (3862)، وأحمد (7501)
[6] صحيح الترغيب والترهيب – المنذري 2420
[7] أخرجه النسائي 2562,وأحمد 6180