أبو أمامة الباهلي
أبو أمامة الباهلي
هو صدي بن عجلان بن وهب أبو أمامة الباهلي, غلبت عليه كنيته ولم يعلم في اسمه اختلافًا, وكان يسكن حمص.
أثر الرسول في تربية أبي أمامة الباهلي:
يقول أبو أمامة الباهلي أن رسول الله مر به وهو يحرك شفتيه, فقال: “ماذا تقول يا أبا أمامة“, قال: أذكر ربي تعالى, قال: “أفلا أخبرك بأكبر وأفضل من ذكر الليل مع النهار والنهار مع الليل تقول: سبحان الله عدد ما خلق, وسبحان الله ملء ما خلق, وسبحان الله عدد ما في الأرض والسماء, وسبحان الله ملء ما في الأرض والسماء, وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه, وسبحان الله ملء ما أحصى كتابه, وسبحان الله عدد كل شيء, وسبحان الله ملء كل شيء, وتقول الحمد لله مثل ذلك“.
بعض ما رواه أبو أمامة الباهلي عن النبي :
يقول أبو أمامة الباهلي: شهدت خطبة رسول الله يوم حجة الوداع فقال قولاً كثيرًا حسنًا جميلاً وكان فيها: “من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا, ومن أسلم من المشركين فله أجره وله مثل الذي لنا وعليه مثل الذي علينا“.
وسمع أبو أمامة الباهلي رسول الله يقول: “اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه, اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما, اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة“.
ويروي أبو أمامة الباهلي عن رسول الله قال: “ثلاثة كلهم ضامن على الله رجل خرج غازيًا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة, ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة, ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله “.
وعن أبي أمامة الباهلي قال: قلت: يا رسول الله, مرني بأمر ينفعني الله به, قال: “عليك بالصيام فإنه لا مثل له“.
ويحدث أبو أمامة الباهلي فيقول: جاء رجل إلى النبي فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله : “لا شيء له“, فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله : “لا شيء له“, ثم قال: “إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه“.
وعن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله قال: “عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم, وهو قربة لكم إلى ربكم, ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم“.
موقف أبي أمامة الباهلي مع هرقل :
عن أبي أمامة الباهلي عن هشام بن العاص الأموي قال: بعثت أنا ورجل من قريش إلى هرقل ندعوه إلى الإسلام, فنزلنا على جبلة فدعوناه إلى الإسلام، فإذا عليه ثياب سواد, فسأله عن ذلك قال: حلفت ألا أنزعها حتى أخرجكم من الشام, قال: فقلنا له: والله لنأخذن مجلسك هذا, ولنأخذن منك الملك الأعظم أخبرنا بهذا نبينا, قال: لستم بهم, ثم ذكر قصة دخولهم على هرقل واستخلائهم, فأخرج لهم ربعة فيها صفات الأنبياء إلى أن أخرج لهم صورة محمد فإذا هي بيضاء، فقال: أتعرفون هذا؟ قال: فبكينا, وقلنا: نعم, فقام قائمًا ثم جلس فقال: والله إنه لهذا قلنا: نعم قال: فأمسك ثم قال: أما إنه كان آخر البيوت ولكني عجلته لأنظر ما عندكم, ثم قال: لو طابت نفسي بالخروج من ملكي لوددت أني كنت عبدًا لأسدكم في ملكه حتى أموت, قال: فلما رجعنا حدثنا أبا بكر فبكى ثم قال: لو أراد الله به خيرًا لفعل, ثم قال: أخبرنا رسول الله أنهم واليهود يعرفون نعت النبي .
موقف أبي أمامة الباهلي مع التابعين :
عن سليم بن عامر قال: جاء رجل إلى أبي أمامة فقال: يا أبا أمامة إني رأيت في منامي الملائكة تصلي عليك كلما دخلت وكلما خرجت وكلما قمت وكلما جلست, قال أبو أمامة: اللهم غفرًا دعونا عنكم وأنتم لو شئتم صلت عليكم الملائكة ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 41- 43].
أثر أبي أمامة الباهلي في الآخرين :
دعوته وتعليمه :
يقول محمد بن زياد الألهاني: كنت آخذًا بيد أبي أمامة صاحب رسول الله فانصرفت معه إلى بيته فلا يمر بمسلم ولا صغير ولا أحد إلا قال: سلام عليكم سلام عليكم, فإذا انتهى إلى باب داره التفت إلينا ثم قال: أي ابن أخي أمرنا نبينا أن نفشي السلام.
عن محمد بن زياد رأيت أبا أمامة أتى على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي في سجوده ويدعو ربه فقال أبو أمامة: أنت أنت لو كان هذا في بيتك.
عن سليمان بن حبيب المحاربي دخلت على أبي أمامة مع مكحول وابن أبي زكريا فنظر إلى أسيافنا فرأى فيها شيئًا من وضح, فقال: إن المدائن والأمصار فتحت بسيوف ما فيها الذهب ولا الفضة فقلنا: إنه أقل من ذلك, فقال: هو ذاك أما إن أهل الجاهلية كانوا أسمح منكم, وكانوا لا يرجون على الحسنة عشر أمثالها وأنتم ترجون ذلك ولا تفعلونه, قال: فقال مكحول لما خرجنا من عنده: لقد دخلنا على شيخ مجتمع العقل.
يقول سليمان بن حبيب المحاربي قال: دخلت مسجد حمص فإذا مكحول وابن أبي زكرياء جالسان فقال مكحول: لو قمنا إلى أبي أمامة صاحب رسول الله فأدينا من حقه وسمعنا منه قال: فقمنا جميعًا حتى أتيناه فسلمنا عليه فرد السلام ثم قال: إن دخولكم علي رحمة لكم وحجة عليكم ولم أر رسول الله من شيء أشد خوفًا على هذه الأمة من الكذب والعصبية, ألا وإياكم والكذب والعصبية, ألا وإنه أمرنا أن نبلغكم ذلك عنه, ألا وقد فعلنا فأبلغوا عنا ما بلغناكم.
وفاة أبي أمامة الباهلي :
توفي سنة إحدى وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة, ويقال: مات سنة ست وثمانين.