تقوى الله تعالى
تقوى الله تعالى – محمد بوطاهر بن أحمد بن الشيخ الحساني
تقوى الله تعالى هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله عز وجل وقاية بامتثال أوامره واجتناب نواهيه،
وقيل : هي أن يطاع الله فلا يعصى، وان يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر،
وقيل : هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله خوفا من عقابه،
وقال الإمام أحمد : هي ترك ما تهوى لما تخشى،
وقيل : هي ترك الذنوب صغيرها وكبيرها.وتقوى الله تعالى هي جوهر الإسلام, وهي الإيمان الحقيقي بالله تعالى, والتقوى عمل صالح يشمل عبادة الله تعالى وحده, وحسن التعامل مع خلقه .
قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {3 } الطلاق .
بمعنى, ومن يتق الله في أداء الفرائض يجعل له مخرجا من عقوبة أهل البدع, ويرزقه الجنة من حيث لا يحتسب.
و تقوى الله يقابله الرجاء, رجاء مغفرته سبحانه وعفوه عما بدر منا من تقصير في آداء الفرائض والسنن. والتقوى هي الخوف من الله ومن عقابه يوم الحشر يوم لا ينفعنا لا مال, جمعناه وتركناه وراءنا لورثتنا, ولا بنون خلفناهم وراءنا ينقذوننا من الحساب : يوم القيامة سيقول كل أحد منا للآخر :”نفسي, نفسي“.” يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) الشعراء. ” يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يغنيه (37 عبس
فاعلم أخي المؤمن أن التقوى هي مراقبة الله في أفعالك ومعاملتك للآخرين, قبل فوات الأوان.وفي تعاملنا مع الآخرين ,قد يغرنا الشيطان لعنه الله ونرتكب ذنوبا في حق الاخرين وقد يتعمد البعض أكل أموال الآخرين بغير حق, والأخر قد يغش في العسل أو الزيت أو اللبن أو الخضروات أو في مواد البناء وغيرها, أو ويغش في أي عمل يؤجر عليه.
و قد نكون مكلفين بأمر ما, نتحكم من خلاله بمصير أناس آخرين في جمعية أو تجارة مشتركة, أو إرث أو رعاية مال يتيم , و يغرنا الشيطان الرجيم لعنه الله, فيلقي في أنفسنا الطمع, ونتعمد هضم الحقوق المستحقة للآخرين, بدعوى أن الآخرين سدج أو لا يفهمون, ونتيقن ظلما في داخل أنفسنا أن هذا هو العدل. وما هو إلا طمع الدنيا الفانية, وننسى أن الرزاق هو الله . لقوله عز وجل : لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ (132 طه».– تقوى الله تعالى –
أخي المسلم لا تغتر بذكائك أو بمعرفتك لأشياء غابت عن الآخرين, ولا تغتر بحيل أو بعلم تسخره لخداع للآخرين, لأن الله يراك ويراقب تحركك وهو الذي يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور. فالله يعلم ذبيب النمل, وهو أقرب إلينا من حبل الوريد.فاعلم أن الذي خلق الكون ونظمه “ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) طه.- وقال الله تبارك وتعالى : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ . وكل مال أخد بغير حق سيلقى بصاحبه في نار جهنم, و العياد بالله..
و الأجدر أن نتعظ ونخاف من الله وأن نعلم أن مردنا إلى الله , ومآلنا أن نترك الدنيا وما فيها, وراء ظهورنا, طال الزمن أو قصر ونستعد إما للحساب والعقاب أو إلى الجنة و نعيمها, لهذا يجب أن نختار الأصلح لنا ونعود إلى رشدنا ونتقي الله في أنفسنا وفي غيرنا.– تقوى الله تعالى –
و من جملة خصال الإيمان الواجبة على كل مؤمن أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
و أعلم أخي المؤمن أن الأنانية والغش والحيلة : سلوك مذموم, وليست من شيم المتقين. وأعلم أيضا أن الشيطان لنا عدوا, فلا يجب أن ننساق فيما يزينه لنا من الأفعال التي تضر بغيرنا, بل يجب أن نخاف الله ونهجر أنانيتنا التي أصلها من الشيطان الرجيم.
قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ 201}الأعراف
والمؤمنين المتقين إذا ارتكبوا معصية أو لحقهم شيء, خالطهم فيه الشيطان, تفكروا في قدرة الله تعالى وفي أنعامه عليهم, فتركوا المعصية. واستعانوا على وسوسة الشيطان وأوليائه بالذكر والدعاء وتلاوة القرآن وبالرجوع إلى حكم الله في جميع أمور حياتهم.
لهذا يجب علينا أن نراقب الله في أفعالنا وتعاملنا مع الآخرين, ونتقي الله , وأن لا نأخذ مال غيرنا ظلما وعدوانا. لأن الله حرم علينا الظلم لقول رسول الله في حديث قدسي : “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ”
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى ذر : اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن.
وعن العرباض أبن سارية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : …أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة…
وفي حديث رواه أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم : “ الإسلام علانية، والإيمان في القلب، وأشار إلى صدره ثلاث مرات قائلا: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا”.
وقال ابن عطاء الله : للتقوى ظاهر وباطن، فظاهرها محافظة الحدود وباطنها النية والإخلاص.– تقوى الله تعالى –
وقال بعض السلف الصالح : التقوى أن يعمل الرجل بطاعة الله على نور من الله يرجو رحمته وأن يترك معصية الله ويخاف عذابه ويتقرب إلى الله بأداء فرائضه ونوافله.
والمتقين أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار لقوله عز وجل :
إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {15} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ {16} كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ[3] {17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {18} وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ {19} الذاريات.وقد فسررسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الإحسان بقوله: –”أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ.”
واختم قولي بهذه الآيات من سورة الحشر: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20).الحشر
واستغفر الله لي ولكم.اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.- تقوى الله تعالى –