زيد بن ثابت
زيد بن ثابت
كاتب الوحي وجامع القرآن
إنه كاتب الوحي وأحد من جمع القرآن الكريم. لقد أسلم زيد بن ثابت وهو طفل لم يتجاوز الحادية عشرة بعد. ولقد كان لأمه فضل كبير في دفعه للعلم والتدين والجهاد في سبيل الله. ففي غزوة بدر ذهب إلى رسول الله يرجوه أن يخرج معهم في سبيل الله في تلك الغزوة, فلما أشفق عليه الرسول الكريم لصغر سنه ورده رداً كريما حزن الفتي وحزنت أمه أكثر منه. ومن يومها بدأ الصغير في التفكير للعمل على نصرة دين الحق, وكان الله سبحانه وتعالى قد امتن عليه بنعمة الحفظ الجيد والذاكرة القوية ومحبة العلم. إنه يروى عنه كيف كانت سعادته حين أتى به بعض رجال قومه إلى رسول الله وأخبروه أنه قد حفظ سبع عشرة سورة من القرآن الكريم. فعرض عليه النبي أن يتعلم كتاب اليهود “التوراة” فقد قال له الرسول:((يا زيد تعلَّم لي كتاب يهود فإني والله ما آمنهم على كتابي)). فمن تعلَّم لغة قوم أمن شرهم. ويروى أيضاً أنه تعلمه في نحو أسبوعين, وأتقنه تماماً. ثم طلب إليه الرسول أن يتعلم “السريانية” فتعلمها في سبعة عشر يوماً.
الرسول يكلفه بكتابة الوحي
ولما رأى رسول الله براعته وإتقانه في التعلم والحفظ وأمانته ودقته في النقل, مع فهمه لما يقرأ, كلفه بكتابة الوحي الذي يتنزل على الرسول الكريم, وهي مهمة عظيمة وجليلة.
يوم السقيفة
وبعد وفاة الرسول اجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة, اجتمع المهاجرون والأنصار لاختيار خليفة منهما, فقد قال الأنصار للمهاجرين رجل منا ورجل منكم, ولكن زيد بن ثابت كاتب الوحي قال رأياً سديداً جعل الناس جميعاً ترضى بحكمه, قال:((إن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره, وإني أرى أن يكون الإمام من المهاجرين ونحن نكون أيضا أنصاره)) .
جمع القرآن
في معركة اليمامة أثناء حرب الردة قتل عدد كبير من حفظة القرآن . . . بعث إليه خليفة المؤمنين أبو بكر وكان عنده عمر بن الخطاب فقال له:((يا زيد إن عمر أخبرني أن عدداً كبيراً من حفظة القرآن قد قتلوا وإنه يعرض عليَّ أن نقوم بجمع القرآن, فما رأيك يا زيد؟)). قال زيد:((كيف نفعل شيئاً لم يفعله الرسول ؟)). ولكن عمر ظل يناقش زيداً حتى شرح الله صدره لذلك, فقال مثل مقالة عمر. وهنا أمر أبو بكر بتتبع القرآن وجمعه. ويقول زيد عن ذلك:((فتتبعت القرآن من صدور الرجال)). وظل هكذا حتى جمعه وأودعه عند أبي بكر حتى توفي, فكان عند عمر, ثم عند السيدة حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله عنها وعن أبيها .
كتابة المصحف
وكان له دوره أيضا في كتابة المصحف الشريف في عهد عثمان. أرسل عثمان “أمير المؤمنين” إلى السيدة حفصة بنت عمر يطلب إليها الصحف لينسخها في مصحف, وأمر زيد وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف ثم أعاد عثمان الصحف إلى السيدة حفصة رضي الله عنها .
شيخ المقرئين
زيد بن ثابت هو شيخ المقرئين, ومفتي المدينة. كان زيد أعلم الناس بعلم المواريث, وقد روي عن أنس بن مالك عن النبي أنه قال:((أفرض أمتي زيد بن ثابت)) “رواه أحمد والنسائي”. قال عنه ابن عباس :((لقد علم الحفَّاظ من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت من الراسخين في العلم)). لقد أخذ عبد الله بن عباس بركات زيد – قاد له دابته – فقال له زيد:((تنح يا ابن عم رسول الله)). فقال:((إنا كذلك نفعل بعلمائنا وكبرائنا)). وعند موته قال بن عباس :((لقد دفن اليوم علم كثير)) .