وُلد الشيخ بوخبزة شهر يوليوز سنة 1932 بدرب “الجُعَيْدي” بحي العيون بمدينة تطوان، وهي المدينة التي ظل يعيش بها إلى أن فارق الحياة صباح الخميس 20 يناير 2020، حيث نشأ وترعرع في أحضان أسرة متدينة وعالمة ومحافظة، وكان هو رابع إخوته، إذ درس في المسجد “المسيد” منذ صغره وتلقى فيه مبادئ القراءة والكتابة والحساب والدين وبعض قصار السور. الريسوني ينعي بوخبزة: كان قبلة للعلماء والباحثين والمحققين من كل العالم اقرأ أيضا أتم بعدها الشيخ حفظ القرآن الكريم كاملا، ثم عدد من المتون الدينية كـ”الأجرومية” و”المرشد المعين على الضروري من علوم الدين”، و”الخلاصة” وهي ألفية ابن مالك، وبعض مختصر خليل في الفقه المالكي، قبل أن يلتحق بالمعهد الديني بالجامع الكبير الذي مكث فيه نحو عامين، تلقى خلاله دروسا نظامية مختلفة في التفسير والحديث والفقه والأصول والنحو والبلاغة على يد ثلة من العلماء الذي عاصرهم. ومن بين الشيوخ الذين تتلمذ على أيديهم بوخبزة، وفق مذكراته، محمد بن عبد الصمد التُّجكاني، محمد بن عبد الكريم أًقَلعي، ومحمد بن عبد الله القاسمي، العربي بن علي اللُّوهْ (الوزير في الحكومة الخليفية إبان الاستعمار)، محمد بن حمو البقالي الأحمدي، محمد المصمودي، التهامي المؤذن الغرباوي، محمد الزكي الحراق السَّرِيفي، أحمد القْصِيبي الأَنجري، عمر الجَيّدي الغُماري، وغيرهم. سيرة الشيخ بوخبزة كانت حافلة بالعطاء العلمي والنضال السياسي منذ فترة الاستعمار إلى آخر لحظات عمره، فالراحل مارس الصحافة قبل استقلال المغرب وأصدر جرائد ومجلات سخرها لانتقاد سياسة الاستعمار الإسباني في التعليم واضطهاد الطلبة والتضييق عليهم وكاد بسببها أن يُسجن، قبل أن يتفرغ للكتابة والتأليف في العلوم الشرعية، ويُعتبر من العلماء المشهود لهم بالإحاطة الواسعة بمحتويات خزائن الكتب العربية الإسلامية القديمة والحديثة. أمضى الشيخ زُهاء 53 عاما من حياته في الخطابة الدينية، كانت خلالها المساجد التي يقيم بها دروسه وخطبه بتطوان تكتظ بالراغبين في الأخذ من علمه وأجوبته على إشكالات الناس الدينية، خاصة مسجد “العيون” بالمدينة العتيقة . والشيخ العلامة بوخبزة الذي أسس معهد الإمام أبي القاسم الشاطبي بتطوان لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه الذي يتخرج منه سنويا مئات الطلبة من حاملي القرآن، بلغ صيته مختلف البلاد نظرا لاعتماد عدد من العلماء والدعاة على مؤلفاته، إذ يُعد من النوادر في قوة الذاكرة وسرعة الحفظ والصبر على الكتابة والمطالعة. يقول الفقيه أحمد الريسوني في نعي بوخبزة: “فقد المغرب والأمة الإسلامية أحد العلماء الأجلاء الأبرار والزهاد الأخيار، وهو العلامة محمد بن الأمين بوخبزة (أبو أويس)، الذي وافاه الأجل المحتوم بمدينته تطوان. الفقيد الكبير كان، منذ عشرات السنين، قبلة للعلماء والباحثين والمحققين، من المغرب والمشرق، يزورونه وينهلون من علومه، ويتباحثون معه في مختلف القضايا العلمية، وخاصة في مجال المخطوطات”. خلف الشيخ بوخبزة أزيد من 30 مؤلفا ما بين كتاب ومجلد ومخطوط محقق، نذكر من بينهما كتاب جراب الأديب السائح في 15 مجلدا، وتحقيق أجزاء من الذخيرة للقرافي المالكي في 13 مجلدا، والشذرات الذهبية في السيرة النبوية –وصحيفة سوابق وجريدة بوائق، من جزئين. وكُتب أخرى أغلبها كان في علوم الحديث وتفسير القرآن وأحكامه. رحم الله العالم الجليل محمد بوخبزة وأدخله فسيح جناته (منقول بتصرف)