الإيمان بصفات الله تعالى وأسماء الله الحسنى
يؤمن المسلم بما لله تعالى من أسماء حسنى, و صفات عليا, و لا يتأولها فيعطلها, و لا يشبهها بصفات المحدثين فيكيفها أو يمثلها, و ذلك محال, فهو إنما يثبت لله تعالى ما أثبت لنفسه, و أثبته له رسوله من الأسماء و الصفات, و ينفي عنه تعالى ما نفاه عن نفسه, و نفاه عنه رسوله من كل عيب و نقص, إجمالا و تفصيلا, وذلك للأدلة النقلية و العقلية الآتية :
الأدلة النقلية :
أولا- إخباره تعالى بنفسه عن أسمائه و صفاته, إذ قال : “وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .180 الأعراف. و قال سبحانه ” قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ .110 ألإسراء“. كما وصف نفسه بأنه سميع بصير, و عليم حكيم, و قوي عزيز, و لطيف و خبير, و شكور و حليم, و غفور و رحيم, و أنه كلم موسىتكليما, و أنه استوى على عرشه, و أنه خلق بيديه, و أنه يحب المحسنين, و رضي عن المؤمنين, الى غير ذلك من الصفات الذاتية كمجيئه تعالى و نزوله وإتيانه, مما أنزله في كتابه, و نطق به رسوله صلى الله عليه و سلم.
ثانيا- إخبار رسوله صلى الله عليه و سلم بذلك فيما ورد و صح عنه من أخبار صحيحة و أحاديث صريحة كقوله صلى الله عليه و سلم “يضحك الله الى رجلين يقتل أحدهما الآخر, كلاهما يدخل الجنة…[1]” و قوله ” لا تزال جهنم يلقى فيها, و هي تقول, هل من مزيد, حتى يضع رب العزة فيها رجله” و في رواية “قدمه” فينزوى بعضها الى بعض, فتقول, قط قط“[2].
و قوله رسوله صلى الله عليه و سلم ” ينزل ربنا تبارك و تعالى في كل ليلة الى السماء الدنيا حين لا يبقى ثلث الليل الآخر, فيقول, من يدعوني فأستجيب له. من يسألني فأعطيه. من يستغفرني فأستغفر له[3]“.
و قوله, “الله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم…[4]“و قوله للجارية, أين الله فقالت, في السماء, قال, أنا من, قالت, أنت رسول الله, قال, أعتقها فإنها مؤمنة[5]” . و قوله ” يقبض الله الأرض يوم القيامة و يطوي السماء بيمينه, ثم يقول, أنا الملك, أين ملوك الأرض.[6]“
ثالثا-إقرار السلف الصالح من الصحابة و التابعين و الأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين بصفات الله تعالى, و عدم تأويلهم لها, أو ردها أو إخراجها عن ظاهرها. فلم يثبث أن صحابيا واحدا تأول صفة من صفات الله تعالى, أو ردها, أو قال فيها أن ظاهرها غير مراد, بل كانوا يؤمنون بمدلولها, و يحملونها على ظاهرها, و هم يعلمون أن صفات الله تعالى ليست كصفات المحدثين من خلقه. و قد سئل الامام مالك رحمه الله تعالى عن قوله عز و جل “الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ.5.طه“. فقال, الاستواء معلوم, و الكيف مجهول, و السؤال عنه بدعة.
وكان الامام الشافعي, رحمه الله تعالى يقول, آمنت بالله و بما جاء عن الله, على مراد الله, و آمنت برسول الله, و بما جاء عن رسول الله. و كان الامام أحمد رحمه الله تعالى, يقول في مثل قول رسول صلى الله عليه و سلم ” إن الله ينزل الى السماء الدنيا, و إن الله يرى يوم القيامة, و أنه تعالى يعجب, و يضحك و يغضب, و يرضى و يكره و يحب, كان يقول, بؤمن بها و نصدق بها, لا بكيف و لا بمعنى, يعني, أننا نؤمن بأن الله تعالى ينزل و يرى, و هو فوق عرشه بائن من خلقه, و لكن لا نعلم كيفية النزول, و لا الرؤية, و لا الاستواء, و لا المعنى الحقيقي لذلك. بل نفوض الأمر في علم ذلك إلى الله قائله و موحيه الى نبيه صلى الله عليه و سلم, و لا نرد على رسول الله, و لا نصف الاله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه, و وصفه به رسوله, بلا حد و لا غاية, و نحن نعلم أن الله ليس كمثله شيء و السميع البصير
الأدلة العقلية:
لقد وصف الله تعالى نفسه بصفات, سمى نفسه بها و لم ينهنا عن وصفه و تسميته بها, و لم يأمرنا بتأويلها, أو حملها على غير ظاهرها, فهل يعقل أن يقال إننا إذا وصفناه بها نكون قد شبهناه بخلقه فيلزمنا إذا تأويلها, و حملها على غير ظاهرها. و إن أصبحنا معطلين نفاة لصفاته تعالى, ملحدين في أسمائه, و هو يتوعد الملحدين فيها بقوله ” وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .180 الأعراف.“.
إن الإيمان بصفات الله تعالى و صفه بما ما لا يستلزم التشبيه بصفات المحدثين, إذ العقل لا يحيل أن تكون لله صفات خاصة بذاته لا تشبه صفات المخلوقين, و لا تلتقي معها إلا في مجرد الاسم فقط, فيكون للخالق صفات تخصه, و للمخلوق صفت تخصه…
و المسلم إذ يؤمن بصفات الله تعالى, ويصفه بها لا يعتقد أبدا, و لا حتى يخطر بباله أن يد الله تبارك و تعالى مثلا تشبه يد المخلوق في أي معنى من المعالني غير مجرد التسمية. و ذلك لمباينة الخالق للمخلوق في ذاته و صفاته و أفعاله, قال تعالى “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .1. اللَّهُ الصَّمَدُ .2. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ .3. وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ.4. .الاخلاص” . و قال ” لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.11 الشورى“.
———————————————————–
صحيح مسلم 1890- الراوي أبو هريرة رضي الله عنه[1]
صحيح الجامع الألباني 7286[2]
صحيح الأدب المفرد الألباني 580 الراوي أبو هريرة رضي الله عنه[3]
صحيح ابن حبان 617 الراوي أنس ابن مالك رضي الله عنهما[4]
صحيح أبي داود الألباني 93 الراوي معاوية بن الحكم السلمي[5]
صحيح البخاري 7382 الراوي أبو هريرة رضي الله عنه[6]