الترهيب من التفرقة
الترهيب من التفرقة
قال تعالى
وَاعْتَصِمُواْبحبل الله[1]جميعا و لا تفرقوا …{103} آل عمران
و لا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا من بعد ما جاءهم البينات {105} آل عمران .
وتمسَّكوا أيها المؤمنون بكتاب الله وسنة نبيه، ولا تتفرقوا كأهل الكتاب الذين وقعت بينهم العداوة والبغضاء فتفرَّقوا شيعًا وأحزابًا، واختلفوا في أصول دينهم من بعد أن اتضح لهم الحق.
عن أبي هريرة رضي الله عنه , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا, فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا, وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا, و يكره لكم قيل وقال, وكثرة السؤال, وإضاعة المال.[2]
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.[3]
عن النعمان بن بشير يخطب قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسَّهَر والحُمَّى .[4]
وبقراءتنا لقوله تبارك وتعالى وللأحاديث النبوية في هذا المجال, نتسائل أين نحن من وحدة أمتنا, و إن من غير الطبيعي أن يبلغ تعداد الأمة الإسلامية أكثر من مليار نسمة,وعلاقات البلدان الإسلامية بعضها البعض تكاد تكون منعدمة, يشوبها النفور والتطاحن و الانقسام وانعدام الثقة , في الوقت الذي يوحدنا الدين بالنسبة للأمة الإسلامية, واللغة والدين بالنسبة للأمة العربية.
و السبب يكمن في بعدنا عن شريعة الله وتبعيتنا لدول الكفر وتشتتنا لدويلات بعد سنوات الإستعمار , فأصبحت الدول الإسلامية لا حول ولا قوة لها في مواجهة إعتدائات اليهود والصليبيين والمجزوس المتكررة لإضعاف الأمة الإسلامية واحتلال أجزاء منها . و لتستحوذ على ثروات الأمة الإسلامية تعمل دول الكفر والإلحاد بتطويق الأمة بزرع أفكارها و نمط حياتها المنحل عبروسائل الإعلام ( تلفزيون أنترنيت و غيره…) تحت شعارات كاذبة مثل : ديموقراطية, حقوق الإنسان, حرية المرأة, مجتمع لآئكي, إنحلال خلقي.. خمور و مخدرات.. لهو وطرب , لباس كاسي عاري… و حقوق الشواد, و غيرها…
قال تعالى:
وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ. 120.البقرة
ولن ترضى عنك -أيها الرسول- اليهود ولا النصارى إلا إذا تركت دينك واتبعتَ دينهم. قل لهم: إن دين الإسلام هو الدين الصحيح. ولئن اتبعت أهواء هؤلاء بعد الذي جاءك من الوحي ما لك عند الله مِن وليٍّ ينفعك، ولا نصير ينصرك. وهذا موجه إلى الأمّة الإسلامية عامة .
قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.51 المائدة.
قال الطبري في تفسير هذه الآية: من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍّ أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه، فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه.(تفسير الطبري 6/160) .و كان ابن جرير رحمه الله تعالى يفسر معنى اتخاذ الكفار أولياء بمعنى جعلهم أنصاراً.
ومن أسباب تفرقة المسلمين, نذكر أيضا تشتت الأمة الاسلامية الى مذاهب و فرق و إتباعنا للسبل, مع أن القرآن محفوظ شاهد علينا و السنة النبوية وصلت إلينا عبر كتب الصحاح لا فيها تبديل و لا تغيير. و لقد حذرنا ربنا الكريم من ذلك كله في محكم كتابه بقوله: و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم و صاكم به لعلكم تتقون ﴿153
عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه قال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال : ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة, وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين، اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة, وهي الجماعة. زاد بن يحيى وعمرو في حديثهما, وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء, كما يتجارى الكلب لصاحبه. وقال عمرو : الكلب بصاحبه لا يبقي منه عرق ولا مفصل إلا دخله.[5]
ومن بين أسباب التفرقة, نذكر كذلك حب الدنيا وكراهية الموت, و إضاعة الصلوات, و إتباع الشهوات و كفران نعم الله و تفشي الجهل بأمور الدين …
وقد جاء في حديث ثوبان رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، قيل: يا رسول الله: أمن قلة بنا؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم ويوضع في قلوبكم الوهن، قالوا: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت.[6] . وبحب الدنيا و بتفشي الجهل في الأمة و بتشتتنا, أصبحنا كغثاء السيل…
كما أن جمع شمل الأمة الإسلامية مسؤولية الجميع, من حكام و دول و علماء…
و لكي تتحقق وحدة الأمة الإسلامية, يجب العمل على تحقيق : وحدة الدين و هذه من مسؤولية العلماء باختلاف مذاهبهم, ثم وحدة الدول الإسلامية, و تلك من مسؤولية أولياء الأمور, لتحقيق ما تتوق اليه الشعوب الإسلامية كافة.
و بالوحدة الإسلامية تستعيد الأمة أمجادها وتتمكن من تخليص القدس الشريف من براثين الإستعمار اليهودي الصهيوني الغاشم و تحرير كافة البلاد الإسلامية من استعمار أهل الكفر من الشرق و الغرب و المجوس.
و نسأل الله عز و جل أن يهيئ أسباب جمع شمل الأمة الإسلامية على كتابه و سنة نبيه, عليه أفضل الصلاة والتسليم .
——————————————–
القرآن, هو حبل الله المتين[1]
صحيح مسلم ح.1715-ج3/1340[2]
سنن الترمذي ح.1928-ج4/325[3]
صحيح البخاري 6011[4]
سنن أبي داود ح.4597-ج4/198[5]
مسند الإمام أحمد278/5[6]