الصبر
– الصبر
الصبر مفتاح الجنة وهي صفة مهمة في حياة المؤمن وهو خلق إسلامي وهو أساس الالتزام بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه.
والمؤمنون –على الأخص- أشد تعرضا للأذى والمحن والابتلاء في أموالهم و أنفسهم, فقد اقتضى الحق سبحانه أن يكون لهم أعداء يمكرون بهم, و يكيدون لهم و يتربصون بهم الدوائر, كذلك جعل الله لآدم إبليس, و لإبراهيم نمرود, و لموسى فرعون, و لمحمد أبا جهل و أمثاله.[1]
و الصبر يكون على محارم الله, في قوله عز وجل : وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ النحل:126.
و الصبر يكون على أقدار الله المؤلمة فيبتلي عباده المؤمنين, في المال والنفس والأهل بقدر صلابة دينهم, في قوله : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {155} البقرة. و قوله : وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً …{ 35} الأنبياء .
ويختبر الله المؤمنين بالشدة والرخاء والخير والشر وينظر مدي صبرهم.
و الصبر سلاح المؤمن في قوله تبارك و تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {153} البقرة. ويقسم الله تبارك و تعالى ، أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم و ذلك بأن يتجاوز عن سيئها بقوله: وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {96} النحل. والله عز وجل يحرسنا و يرعانا ويأمرنا بتسبيحه بقوله :وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ {48} الطور.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصبرعند الصدمة الأولى.[2]
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المعونة تنزل من الله على قدر المؤونة, وإن الصبرينزل من الله بقدر الشكر[3]
عن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه, قال: قلت يا رسول الله, أي الناس أشد بلاء, قال: الأنبياء, ثم الأمثل فالأمثل[4], فيبتلى الرجل على حسب دينه ,فان كان في دينه صلبا[5], إشتد بلائه ,وان كان في دينه رقة[6] ابتليَعلى حسْبِ دينِه، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي على الأرضِ ما عليْهِ خطيئةٌ.[7].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يصيب المؤمن من وصب[8] ولا نصب [9]ولا سقم ولا حزن، حتى الهم يهمه, إلا كفر به من سيئاته[10].
قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يصب منه رواه البخاري .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعظم الجزاء مع أعظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط رواه الترمذي
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة رواه الترمذي
قال النبي صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له رواه مسلم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكين فقال انظروا ما يقول لعواده فإن هو إذا جاؤوه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله وهو أعلم فيقول لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته أن أبدله لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وأن أكفر عنه سيئاته رواه مالك وابن أبي الدنيا
والله تعالى يلازم المريض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده , …. رواه مسلم .
و عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :مَثَلُ المؤمنِ مثلُ السُّنبُلةِ ، تستقيمُ مرَّةً ، و تخِرُّ مرةً ، و مَثَلُ الكافرِ مَثَل الأَرْزَةِ ، لا تزال مُستقيمةً حتى تخِرَّ ، و لا تشعرُ .صحيح الجامع. الألباني
وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد[11]
قال بعض العارفين :الصبر مع القدرة جهاد.
قال ذا النون المصري : الصبر هو الاستعانة بالله تعالى [12].
وفي ما يلي بعض من مظاهر صبر بعض الرسل والأنبياء على مشاق الدعوة إلى الله, إما ابتلاء من الحق سبحانه أو لأذى أصابهم من قومهم.
صبر محمد صلى الله عليه وسلم كان صلى الله عليه وسلم يصبر على الأذى فيما يتعلق بحق نفسه وأما إذا كان لله تعالى فإنه يمتثل فيه أمر الله من الشدة. ونذكر صبره على فقد عمه أبو طالب، و زوجته خديجة بنت خويلد، وأولاده كلهم في حياته إلا فاطمة، وفقد عمه حمزة.
و صبره على قومه أنه عندما اشتد الأذى به جاءه ملك الجبال يقول: يا محمد إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا. والأخشبان: جبلا مكة أبو قبيس وقعيقعان.(صحيح الجامع الألباني)
ومن حلمه أن عفا عن قريش يوم فتح مكة ” قال رسول الله: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء إسناده ضعيف فقه السيرة الغزالي
وقد عاش رسول الله صلى عليه وسلم كأي إنسان بسيط لا يملك أحيانا قوت يومه قالت السيدة عائشة : ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم (صحيح مسلم). و قالت في حديث آخر كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقلت: ما كان يُعيِّشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء (صحيح البخاري)
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مزمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا عمر قال: ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى فقال يا عمر: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال : بلى قال: هو كذلك (صحيح ابن حبان)
صبر نوح عليه السلام وقضى ألف سنة إلا خمسين عامًا كلها دعوة،
صبر موسى عليه السلام صبر على أذى فرعون وجبروته وطغيانه.
صبر عيسى عليه السلام على تكذيب بني إسرائيل له، ورفض دعوته، وصبره على كيدهم ومكرهم حتى أرادوا أن يقتلوه ويصلبوه، إلا أن الله سبحانه وتعالى نجاه من شرهم.
صبر إبراهيم عليه السلام على ما نزل به حين ألقي في النار العظيمة من طرف قومه، فكانت بردًا وسلامًا. وصبره حين أمر الله عز وجل بذبح إبنه إسماعيل عليهما السلام
صبر أيوب عليه السلامعلى فقد صحته وماله وأولاده ، و ما ناله من البلاء
صبر يوسف عليه السلام لفراق أبويه عندما ألقاه إخوته في الجب ، وصبره على الرق، وصبره على الابتلاء بالفاحشة، فنجاه الله منها
صبر يعقوب عليه السلام لفقده ابنيه يوسف وبنيامين على يد إخوته
صبر لوط عليه السلام إذ تواصى قومه على طرده وتشريده بسبب طهارته من فواحشهم …
————————————————–
الصبر في القرآن العظيم يوسف القرضاوي[1]
الجامع الصحيح الراوي/ البخاري [2]
مجمع الزوائد الهيثمي 4/327 . فيه صادق بن عمار قال البخاري لا يتابع على حديثه ، وبقية رجاله رجال الصحيح [3]
الأشرف فالأشرف. الأفضل والأدنى إلى الخير[4]
أي قوة أي وفقه الله للصبر على ما أصابه[5]
أي ضعف. إذ قال تعالى, وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {143}البقرة [6]
صحيح الترمذي الألباني 2398[7]
مرض[8]
تعب[9]
صحيح مسلم 2573[10]
الرسالة القشيرية عبد الكريم القشيري[11]
الرسالة القشيرية عبد الكريم القشيري[12]