الغرور بالدنيا و طول الأمل
الغرور بالدنيا و طول الأمل
قال سهل: الأمل أرض كل معصية، والحرص بذر كل معصية، والتسويف ماء كل معصية، والقدرة أرض كل طاعة، واليقين بذر كل طاعة، والعمل ماء كل طاعة.[1]
قال تعالى :
ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .3. الحجر
بمعنى, اترك أيها الرسول, الكفار يأكلوا, ويستمتعوا بدنياهم, ويشغلهم الطمع فيها عن طاعة الله, فسوف يعلمون عاقبة أمرهم الخاسرة في الدنيا والآخرة.
كان أبا محمد سهل بن عبد الله ، يقول : دخل قوم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من القوم ؟ . فقالوا : مؤمنون ، فقال : إن لكل قول حقيقة فما حقيقة إيمانكم ؟ . قالوا : الشكر عند الرخاء ، والصبر عند البلاء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فقهاء علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كان الأمر كما تقولون, فلا تبنوا ما لا تسكنون, ولا تجمعوا ما لا تأكلون ، واتقوا الله الذي إليه تصيرون . قال أبو محمد : ففسروا – لا تبنوا ما لا تسكنون – يعني الأمل ، – ولا تجمعوا ما لا تأكلون – يعني الحرص ، –واتقوا الله الذي إليه تصيرون – يعني المراقبة[2].
عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه, قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطاً مربعاً , وخط خطاً في الوسط خارجاً منه , وخط خُططاً صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط , وقال : هذا الإنسان , وهذا أجله محيط به -أو قد أحاط به- وهذا الذي هو خارج منه أمله , وهذه الخطط الصغار الأعراض , فإن أخطأه هذا نهشه هذا , وإن أخطأه هذا نهشه هذا.[3]
فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ عَنْ أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْبَعَةٌ مِنَ الشَّقَاءِ, جُمُودُ الْعَيْنِ وَقَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَطُولُ الْأَمَلِ والحرص على الدنيا. وطول الأمل داء.[4]
عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين : في حب الدنيا، وطول الأمل.[5]
عَنْ علي ابن أبي طالب ، قَالَ : إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ, طُولُ الأَمَلِ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى , فَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَيُنْسِي الآخِرَةَ, وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ , أَلا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ مُدْبِرَةً وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ, فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا, فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلَ.[6]
ومن أسباب طول الأمل, السعي وراء الدنيا, والتخطيط المفرط للمستقبل و قسوة القلوب, و ضعف الإقبال على مجالس الذكرو النفور من المساجد.
ويتولد عن طول الأمل, الكسل عن الطاعة و التسويف بالتوبة و الرغبة في الدنيا و النسيان للآخرة و القسوة في القلب … لأن رقته و صفاءه إنما يقع بتذكير الموت و القبر و الثواب و العقاب و أهوال القيامة كما قال تعالى: فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ . 16.الحديد
والمؤمن يجب أن يتذكّرِ الموت وقَصْر الأمل لقوله عز و جل {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} آل عمران 185.
وقال القرطبي في تفسير: وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور: أي تغر المؤمن وتخدعه فيظن طول البقاء وهي فانية..[7]
وقال ابن كثير و هي تصغير لشأن الدنيا، وتحقير لأمرها، وأنها دنيئة فانية، قليلة زائلة[8]. وقال قتادة: هي متاع متروك توشك أن تضمحل بأهلها، فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله سبحانه ما استطاع[9].
—————————————-
تفسير التستري[1]
حلية الأولياء و طبقات الأصفياء أبو نعيم الأصفهاني-ص 192 الراوي سويد بن الحارث الأزدي خلاصة حكم المحدث تفرد به أبو سليمان الداراني [2]
صحيح البخاري 6417[3]
تفسير القرطبي [4]
صحيح البخاري 6420[5]
الزهد لأحمد ابن حنبل 377 حديث موقوف[6]
تفسير القرطبي[7]
تفسير ابن كثير[8]
تفسير القرطبي[9]