جزاء سوء الخلق مع الله والعباد
جزاء سوء الخلق مع الله و العباد
قال تعالى
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ {179} الأعراف.
ولقد خلق الله لجهنم كثيرًا من الجن والإنس , و بين أوصافهم فهم كالبهائم لا تعقل بقلوبها الخير والشر فتميز بينهما : لهم قلوب لا يعقلون بها، فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا، ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته، ولهم آذان لا يسمعون بها آيات كتاب الله فيتفكروا فيها ، بل إنهم أضل من البهائم ؛ لأنها على الأقل تبصر منافعها ومضارها وتتبع راعيها، وهم بخلاف ذلك، أولئك هم الغافلون عن الإيمان بالله وطاعته.
إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {33} المائدة.
إنما جزاء الذين يحاربون الله، ويبارزونه بالعداوة، ويعتدون على أحكامه، وعلى أحكام رسوله، ويفسدون في الأرض بقتل الأنفس، وسلب الأموال، أن يُقَتَّلوا، أو يُصَلَّبوا، أو يُنفَوا إلى بلد غير بلدهم، ويُحبسوا في سجن ذلك البلد حتى تَظهر توبتُهم. وهذا الجزاء الذي أعدَّه لهم, هو ذلّ و هوان في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب شديد..
قال تعالى :
وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً {11} إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً {12} وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً {13} لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً {14} الفرقان .
أعد الله للمكذبين بيوم القيامة نارًا حارة تُسَعَّر بهم . و إذا رأتهم النار من مكان بعيد، سمعوا صوت غليانها وزفيرها، من شدة تغيظها منهم. و إذا أُلقوا في جهنم – بمكان شديد الضيق – و أيديهم قرنت بالسلاسل إلى أعناقهم- دعوا على أنفسهم بالهلاك للخلاص منها. فيقال لهم ، لا تدعوا اليوم بالهلاك مرة واحدة، بل مرات كثيرة، فلن يزيدكم ذلك إلا غما، فلا خلاص لكم من جهنم.
قال تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {6}التحريم .
و هذا تخويف للمؤمنين و لأهلهم من نار جهنم وقودها الناس والحجارة، يقوم على تعذيب أهلها, ملائكة أقوياء قساة في معاملاتهم، لا يخالفون الله في أمره، وينفذون ما يؤمرون به.
روي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال : يا جبريل ما لي أراك متغير اللون؟ فقال : ما جئتك حتى أمر الله عز وجل بمنافخ النار, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جبريل صف لي النار وانعت لي جهنم, فقال جبريل : إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت, ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت, ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت, فهي سوداء مظلمة لا يضيء شررها, ولا يطفأ لهبها, والذي بعثك بالحق, لو أن قدر ثقب إبرة فتح من جهنم لمات من في الأرض كلهم جميعا من حره, والذي بعثك بالحق لو أن خازنا من خزنة جهنم برز[1] إلى أهل الدنيا لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه, ومن نتن ريحه, والذي بعثك بالحق, لو أن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت في كتابه, ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ {32}الحاقة ,وضعت على جبال الدنيا لأرفضت[2] وما تقارت[3] حتى ينتهي إلى الأرض السفلى, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حسبي يا جبريل لا ينصدع قلبي فأموت قال : فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي فقال : تبكي يا جبريل وأنت بالمكان الذي أنت به؟ فقال : و مالي لا أبكي؟ أنا أحق بالبكاء لعلي أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها, و ما أدري لعلي أبتلى بما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة, و ما أدري لعلي أبتلى بما ابتلي به هاروت وماروت[4]. قال : فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل عليه السلام, فما زال يبكيان حتى نوديا : أن يا جبريل ويا محمد إن الله عز وجل قد أمنكما أن تعصياه. فارتفع جبريل عليه السلام, وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بقوم من الأنصار يضحكون ويلعبون فقال : أتضحكون ووراءكم جهنم؟ فلو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا, و لما أسغتم الطعام والشراب[5], ولخرجتم إلى الصدعات[6] تجأرون[7] إلى الله .[8]
عن يزيد بن شجرة,قال إن لجهنم لجبابا[9] في كل جب ساحلا كساحل البحر فيه هوام[10] وحيات كالبخاتي وعقارب كالبغال الذل[11], فإذا سأل أهل النار التخفيف, قيل اخرجوا إلى الساحل, فتأخذهم الهوام بشفاههم وجنوبهم, وما شاء من ذلك فتكشطها, فيرجعون فيبادرون إلى معظم النيران, ويسلط عليهم الجرب, حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم فيقال, يا فلان هل يؤذيك هذا؟ فيقول, نعم, فيقال له, ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين.[12]
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه, أنه قرأ قوله تعالى : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ” النساء 56,قال : ” يا كعب أخبرني عن تفسيرها, فان صدقت صدقتك, وان كذبت رددت عليك, فقال : إن جلد ابن آدم يحرق ويجدد في ساعة أو في يوم مقدار ستة آلاف مرة, قال : صدقت.[13]
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, قال رسول الله صلى الله عله وسلم : فمنهم من تأخذه النار إلى كعبيه, ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه, ومنهم من تأخذه إلى حجزته, ومنهم من تأخذه إلى ترقوته.[14]–[15]
—————————————–
ظهر[1]
رفضته رفضا[2]
استقرت[3]
ملكان نزلا من السماء يعلمان الناس السحر ابتلاء من الله[4]
سهل الطعام[5]
الطرقات[6]
تلجئون[7]
574 الترغيب و الترهيب المنذري 3/335
جمع جب آبار[9]
[10] حشرات
[11] المطيعة
[12] صحيح الترغيب و الترهيب الألباني 3677
الترغيب و الترهيب المنذري 4/357[13]
العظم بين ثغرة النحر و العنق[14]
تخريج كتاب السنة الألباني 854[15]