ذكر الله و تلاوة القرآن
قال تعالى :
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا 41الأحزاب
يأمر الله عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم, لما لهم في ذلك من جزيل الثواب، كما بين ذلك حديث رواه أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا: بلى, قال : ذكر الله تعالى. قال معاذ بن جبل : ما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله [1].
وقال الفخر الرازي : المراد بذكر اللسان الألفاظ الدالة على التسبيح والتحميد والتمجيد والذكر بالقلب التفكر في أدلة الذات والصفات وفي أدلة التكاليف من الأمر والنهي حتى يطلع على أحكامها وفي أسرار مخلوقات الله والذكر بالجوارح هو أن تصير مستغرقة في الطاعات ومن ثم سمى الله الصلاة ذكرا فقال –فاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ .9 الجمعة. –
ونقل عن بعض العارفين قال : الذكر على سبعة أنحاء فذكر العينين بالبكاء, وذكر الأذنين بالإصغاء, وذكر اللسان بالثناء, وذكر اليدين بالعطاء, وذكر البدن بالوفاء, وذكر القلب بالخوف والرجاء, وذكر الروح بالتسليم والرضاء.[2]
قال الحسن البصري رضي الله عنه : تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن.[3] و يقول الله تعالى : أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنا معَ عبدي ما ذكرني, وتحركتْ بي شفتَاهُ.[4]
وقال تعالى :
وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا 35 الأحزاب
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقول اللهُ تعالَى أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولةً.[5]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقول اللهُ تعالَى : سبعةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تعالى في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ : إمامٌ عدلٌ ، وشابٌّ نشأَ في عبادةِ اللهِ ، ورجلٌ قلبُهُ مُعَلَّقٌ في المساجدِ ، ورجلانِ تحابَّا في اللهِ ، اجتمعا عليهِ وتفرَّقا عليهِ ،ورجلٌ دعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ ، فقال : إني أخافُ اللهَ ،ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ ،فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُهُ ما تُنْفِقْ يمينُهُ ،ورجلٌ ذَكَرَ اللهَ خاليًا ففاضتْ عيناهُ[6]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : للهِ تسعةٌ وتسعون اسمًا ، مائةٌ إلَّا واحدًا ، لا يحفَظُها أحدٌ إلَّا دخل الجنَّةَ ، وهو وِترٌ يحبُّ الوِترَ.[7]
قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ29 لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ30 فاطر
يقول الله عز و جل إن الذين يقرؤون القرآن، ويعملون به، وداوموا على الصلاة في أوقاتها، وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وجهرًا، هؤلاء يرجون بذلك تجارة لن تكسد ، ألا وهي رضا ربهم، والفوز بجزيل ثوابه؛ ليوفيهم الله تعالى ثواب أعمالهم كاملا غير منقوص، ويضاعف لهم الحسنات من فضله، إن الله غفور لسيئاتهم، شكور لحسناتهم، يثيبهم عليها الجزيل من الثواب.
فعن أَبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – ، قَالَ : قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ[8] : رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ : لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ : ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ : لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ [9].
عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى صلى الله عليه و سلم قال : من قرأ عشرَ آياتٍ في ليلةٍ لم يُكتبْ من الغافلين, ومن قرأ مائةَ آيةٍ كُتِب له قنوت ليلة , ومن قرأ مائتَيْ آيةٍ كُتب من القانتين[10], ومن قرأ أربعَمائةِ آيةٍ كُتِب من العابدين, ومن قرأ خمسَمائةِ آيةٍ كُتِب من الحافظين[11], ومن قرأ ستَّمائةِ آيةٍ كُتِب من الخاشعين, ومن قرأ ثمانِمائةِ آيةٍ كُتِب من المُخبِتين[12],ومن قرأ ألفَ آيةٍ أصبح له قِنطارٌ والقِنطارُ ألفٌ ومائتا أُوقَيةٍ والأوقيةُ خيرٌ ممَّا بين السَّماءِ والأرضِ أو قال, خيرٌ ممَّا طلعت عليه الشَّمسُ, ومن قرأ ألفَيْ آيةٍ كان من المُوجِبين[13].[14]
ولقد أمر الله سبحانه في محكم كتابه عباده المؤمنين بالصلاة على نبيه وصفوته من خلقه محمد صلى الله عليه وسلم، فقال جل ثناؤه :
إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا 56 الأحزاب
وقد جاءت أحاديث كثيرة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم و صفوته… نذكر بعض منها :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث رواه زيد ابن سهل الأنصاري رضي الله عنه: من صلى علي واحدة .صلى الله عليه وآله وسلم عشرا فيكثر من ذلك. أو ليقل.” وفي لفظ : “أتاني الآن آت من ربي فأخبرني أنه لن يصلي على أحد من أمتي إلا ردها الله -تعالى- عليه عشرة أمثالها” وفي لفظ : “ولا يسلم عليك إلا سلمت عليه عشرا.[15]
وعن أنس ابن مالك رضي الله عنهما, قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن فعل ذلك كنت له شهيدا و شافعا يوم القيامة[16]
عن سعيد بن المسيب قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: إن الدعاء موقوف بين السماء و الأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه و سلم.[17]
و نكتفي بهذا القدر من الآيات و الأحاديث في فضل الذكر و الدعاء و تلاوة القرآن و الصلاة عن النبي.
———————————
صحيح الترمذي الألباني 3377[1]
شرح صحيح البخاري ابن حجر العسقلاني 209/11 [2]
364 تهذيب مدارج السالكين لابن القيم الجوزية[3]
تهذيب التهذيب ابن حجر العسقلاني448/12[4]
صحيح البخاري 7405 [5]
صحيح البخاري1423[6]
صحيح البخاري 6410[7]
أغصانها ناعمة و أزهارها بيضاء و ثمرها يشبه الليمون و لكن بحجم أكبر و لها رائحة مميزة.شجرة- 5 أمتار-[8]
صحيح مسلم 797[9]
العابدين المخلصين[10]
الذين أجادوا معرفته[11]
زيادة في التواضع[12]
المستحقين رحمة الله الداخلين الجنة[13]
الترغيب و الترهيب المنذري 2/368[14]
شرح ابن ماجة علاء الدين مغلطاي3/517[15]
الجامع الصغير السيوطي 1405[16]
الترغيب و الترهيب المنذري 406/2[17]