كفران النعم
كفران النعم
من النتائج المترتبة على عدم شكر الله تعالى على نعمه: سلبها وزوالها عن العبد.
قال تعالى :
يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا …النحل:83.
يعرف هؤلاء المشركون نعمة الله عليهم بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، ثم يجحدون نبوته، وأكثر قومه الجاحدون لنبوته.
لَئِن شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ إبراهيم:7.
يقول الطبري في بيان معنى الآية: ولئن كفرتم أيها القوم نعمة الله فجحدتموها بترك شكره عليها وخلافه في أمره ونهيه وركوبكم معاصيه إن عذابي لشديد، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي.[1]
عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثلاث من الفواقر[2]: إمام إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر، وجار سوء إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شراً أذاعه، وامرأة إن حضرت آذتك وإن غبت عنها خانتك. [3]
وحكى الله مصارع الأمم التي كفرت بأنعم الله فقال: وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ النحل:112. قال المناوي: ما زال شيء عن قوم أشد من نعمة لا يستطيعون ردها، وإنما ثبتت النعمة بشكر المنعم عليه للمنعم.[4]
و قال ابن عطاء الله: من لم يشكر النعمة فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها.[5]
وقال الغزالي: والشكر قيد النعم، به تدوم وتبقى، وبتركه ينعقد وتتحول، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]. [6]
وكما قال الله تعالى:
ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ الأنفال:53
بمعنى أن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضاً واعتداء بعضهم على بعض، فتحل بهم حينئذ عقوبته وتغييره”[7].
وهو ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته منه حين حذرها من فتنة الدنيا والتسابق فيها فقال: فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم, فتنافسوها كما تنافسوها, وتهلككم كما أهلكتهم[8]
فبسطة الدنيا على العباد سبب طغيانهم كما قال الله تعالى: {كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّءاهُ ٱسْتَغْنَىٰ} [العلق:6، 7]. قال الطبري: إن الإنسان ليتجاوز حده ويستكبر على ربه فيكفر به لأن رأى نفسه استغنت.[9]
قال الله تعالى:
وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ [الشورى:27].
قال ابن كثير: أي لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق لحملهم ذلك على البغي والطغيان من بعضهم على بعض أشراً وبطراً.[10]
———————————————
تفسير الطبري 13/186[1]
الدواهي . قاصمة الظهر[2]
الترغيب و الترهيب المنذري 3/358[3]
فيض القدير- المناوي 3/41[4]
الحكم ابن عطاء الله السكندري[5]
فيض القدير- المناوي 3/41[6]
تفسير الطبري 30/253[7]
صحيح البخاري 4015 [8]
تفسير الطبري 30/253[9]
تفسير ابن كثير 4/116[10]