– مسند الإمام أحمد بن حنبل:
روابط المجلدات للإطلاع أو للتحميل(المكتبة الوقفية):
دراسة المسند:
شرع الإمام أحمد في تصنيف المسند بعد انصرافة من اليمن بعد تلقيه عن عبد الرزاق سنة200هـ وبدأ بتحــرير المسنـد وعـمره 36 سنة ، انتقاه من أكثر 700 ألف حديث، سمعها في رحلاته.
وقد كتبه في أوراق مفردة ، وفرقه في أجراء منفرده على نحو ما تكون المسودة ، ورواه لـولده عبد الله نسخـاً وأجزاءً ، وكان يأمره أن ضع هذا في مسند فلان ، وهذا في مسند فلان ، وكان ينظر فيه إلى آخر حياته. وقيل عدد أحاديثه 40 ألف حديث ، وقيل 30 ألف حديث بدون المكرر،(سيأتي العدد الصحيح أخر البحث وفقا لطبعة المكنز الإسلامي) ..
لما فرغ الإمام أحمد من عمل المسند جمع أهل بيته وقرأه عليهم وقال : إن هذا الكتاب قد جمعته، وانتقيته من ( سبعمائة ألف حديث وخمسين ألفا) فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه ، فإن كان فيه و إلا ليس بحجة ..وكأنه يقول : إن الأحاديث الزائدة على المسند غير صحيحة ، وهذا الذي يفهم من قوله .ولا يخفى بأن هناك أحاديث صحيحة غير موجودة في المسند .
يقول الشيخ عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي :أنه أراد الأحاديث التي لم تبلغ درجة الاستفاضة والتواتر في المعاني ، وإلا فأحاديث صحيحة مشهورة ليست في المسند .
أقسام الأحاديث في المسند : (من حيث درجات القبول والرد)
يقول محققوا الكتاب ، من خلال التحقيق نستطيع تصنيف الأحاديث إلى ستة أقسام :
1- صحيح لذاته ..
2- صحيح لغيره ..
3- الحسن لذاته ..
4- الحسن لغيره ..
5- ما هو ضعيف ضعف خفف ..
6- ما هو شديد الضعف يكاد يقترب إلى الموضوع ..
* فهو يحتوي على أربعة أنواع من الأحاديث المقبولة ..
وأما القضية التي أثيرت قديماً حول إذا كان في المسند أحاديث ضعيفة أو معلولة ، فهذا مما يسلم به من له معرفة بهذا الشأن .والإمام أحمد نفسه يقول لابنه عن المسند : قصدت في منهجي الأحاديث المشهورة ، وتركت الناس تحت ستر الله تعالى، ولو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في البحث ، ولست أُخالف ما ضعف إذا لم يكن في الباب ما يدفعه .
ثم يقول : ولا يغض من قيمة المسند كثرة الأحاديث الضعيفة فيه ، فإن عددا غير قليل منها صالح للترقي إلى الحسن لغيره أو الصحيح لغيره لما يوجد له من متابعات وشواهد كما يظهر ذلك من تخريج الأحاديث ، وبيان درجاتها ، وما تبقى منها فهو من الضعيف الذي خف ضبطه ، ما عدا الأحاديث القليلة التي انتقدت عليه ، فإنه رحمه الله تعالى يرى الأخذ و العمل بمضمونها ، وتقديمها على القياس كما مر من قوله لابنه عبد الله ((ولست أُخالف ما ضعف إذا لم يكن في الباب ما يدفعه )) ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن تعدد الطرق مع عدم التشاعر والاتفاق في العادة يوجب العلم يمضون المنقول – أي بالقدر المشترك في أصل الخبر – لكن هذا ينتفع به كثيراً في علم أحوال الناقلين – أي نزعاتهم والجهة التي يحتمل أن يتعصب لها بعضهم – وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيئ الحفظ، وبالحديث المرسل ونحو ذلك، ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث ، ويقولون أنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره .وقد قال الإمام أحمد : قد أكتب حديث الرجل لأعتبره .
وقال شيخ الإسلام أيضاً : قد يروي الإمام أحمد وإسحاق وغيرهما أحاديث تكون ضعيفة لاتهام رواتها بسوء الحفظ ونحو ذلك ليعتبر بها ويستشهد بها ، فإنه قد يكون لذلك الحديث ما يشهد أنه محفوظ، وقد يكون له ما يشهد بأنه خطأ ، وقد يكون صاحبها كذاباً في الباطن ليس مشهورا بالكذب ، بل يروي كثيراً من الصدق فيروى حديثه ، وليس كل ما رواه الفاسق يكـون كــذباً بـل يـجـب التبيُـن في خبره كما قـال تـعالى : (( يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا …)) الآية ، فيروي ليُنظر في سائر الشواهد هل تدل على الصدق أو الكذب ..وقال أيضاً : وليس ما رواه أحمد في المسند وغيره يكون حجة عنده ، بل يروي ما رواه أهل العلم، وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروفين في الكذب عنده ، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف .قال الذهبي : وفيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها ولا يجب الاحتجاج بها .
قال العراقي فيما ينقله عنه الحافظ ابن حجر : مسند الإمام أحمد أدعى قوم فيه الصحة، وكذا في شيوخه ، وصنف الحافظ أبو موسى المديني في ذلك تصنيفاً ، والحق أن أحاديثه غالبها جياد ، والضعاف منها إنما يورده للمتابعات ، وفيها القليل من الضعاف ، والغرائب ، والأفراد، أخرجها ثم صار يضرب عليها شيئاً فشيئاً ، وبقي منها بقية ، ووفاته المنية قبل أن ينقحها .
أما القسم السادس الأحاديث شديدة الضعف ما كان يقرب من الموضوع فقد أشار إليها الإمام الذهبي فقال : فيها أحاديث معدودة شبه موضوعة ، ولكنها قطرة في بحر .وقد أدرجها النقاد في سلك الموضوعات فبلغت 38 حديثاً ..
أوردها الحافظ ابن حجر في القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، الأحاديث التسعة التي جمعها الحافظ العراقي ، وأضاف إليها 15 حديثاً ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات ، وأجاب عنها حديثاً حديثاً ، وقد فاته أحاديث أخرى نقلها ابن الجوزي في الموضوعات ، نقلها السيوطي في جزء اسماه ( الذيل الممهد ) ، وعددها 14 أحاديث .
وأقل ما يقوله المتمكن في هذا الفن بعد النظر في هذه الأحاديث ، وما أجاب به العلماء : أنها بالغة الضعـف ، وكثير منها يعلم بطلانها بالبداهة ، فلا يمكن أن تُشد بالمتابعات والشواهد .
عناية العلماء بالمسند:
اهتم العلماء في مختلف الأعصار والمدن في سماع هذا المسند ، فضربوا أكباد الإبل وسافروا ورحلوا.
قال الإمام أحمد : عملت هذا الكتاب إماماً، إن اختلف الناس في سنة رسول الله صلى الله علـيه وسلـم رجـع إليه . قيل من طريف ما ذكره أبو موسى المديني من شدة حرص العلماء على سماع المسند ، وعنايتهم به ما رواه عن أبي بكر القطيعي وهو الذي انتشر المسند عنه قال : رأيت أبا بكر أحمد بن سليمان النجاد في النوم ، وهو على حالة جميلة ، فقلت : أي شيء كان خبرك ؟ قال : كل ما تحب ، الزم ما أنت عليه وما نحن عليه ، فإن الأمر هو ما نحن عليه ، وما أنت عليه . ثم قال : بالله ألا حفظت هذا المسند فهو إمام المسلمين وإليه يرجعون ، وقد كنت قديماً أسألك بالله إن أعرت منه أكثر من جزء لمن تعرفه ليبقى .
ويقول أيضاً : سُئل الحافظ الفقيه أنت تحفظ الكتب الستة ؟ ، قال : أحفظها وما أحفظها ، وقيل : كيف ؟ فقال : أنا أحفظ مسند أحمد وما يفوت المسند من الكتب الستة إلا قليل ، وأصله في المسند فأنا أحفظها من هذا الوجه .