آداب الحسن البصري

آداب الحسن البصري

كتاب أداب الحسن البصري - الإمام جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي-ترجمته- هو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي يصل نسبه إلى محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه في قيل أنه ولد سنة 510 هجرية، توفي والده علي بن محمد وله من العمر ثلاث سنين، وتولت تربيته عمته ونشأ نشأة صالحة، ولما ترعرع حملته عمته إلى مسجد أبي الفضل بن ناصر، فتلقى منه الرعاية التامة والتربية الحسنة حتى أسمعه الحديث.فلما بلغ ابن الجوزي رشده تحمل الشدائد والمحن في طلب.وقد عاش منذ طفولته ورعا تقيا زاهدا, يحب العزلة . وكان كثير الاطلاع ومشغوفا بالقراءة فقد حكى عن نفسه أنه طالع عشرين ألف مجلد أو أكثر، وهو ما يزال طالبا. وقد بنى مدرسة بدرب دينار وأسس فيها مكتبة كبيرة ووقف عليها كتبه وكان يدرس أيضا بعدة مدارس، ببغداد. وكان لا يخاف في الله لومة لائم، وكان يحضر في وعظه الروساء والخلفاء.وقد سمع من أبي القاسم بن الحصين ، وأبي عبد الله الحسين بن محمد البارع ، وعلي بن عبد الواحد الدينوري ،وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي ، وأبي القاسم عبد الله بن محمد الأصبهاني الخطيب ، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ،وإسماعيل بن وغيرهم.وحدث عنه : ولده العلامة محيي الدين ، وولده الكبير علي الناسخ ، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي الحنفي والحافظ عبد الغني، والشيخ موفق الدين ابن قدامة ، وابن الدبيثي ، وابن النجار ، وابن خليل ، والضياء ،واليلداني ، والنجيب الحراني ، وابن عبد الدائم ، وخلق سواهم .-ومصنفاته كثيرة نذكر منها : " المغني " ، " جامع المسانيد " ،"مناقب أبي بكر " ، " مناقب عمر " ، " مناقب علي " ، " مناقب عمر بن عبد العزيز " ، " مناقب سعيد بن المسيب" ، " مناقب الحسن "، " مناقب الثوري " ، " مناقب أحمد " ، " مناقب الشافعي" و" الناسخ والمنسوخ " وغيرها. وقد ناله محنة في أواخر عمره ، ووشوا به إلى الخليفة الناصر عنه بأمر اختلف في حقيقته ، فجاء من شتمه ، وأهانه ، وأخذه قبضا باليد ، وختم على داره ، وشتت عياله ، ثم أقعد في سفينة إلى مدينة واسط ، فحبس بها في بيت حرج ، وبقي هو يغسل ثوبه ، ويطبخ الشيء ، فبقي على ذلك خمس سنين ما دخل فيها حماما. عاش، رحمه الله، داعيا مرشدا كاتبا بارعا زاهدا مخلصا، قرابة تسعين عاما، فمرض خمسة أيام وانتقل إلى جوار ربه ببغداد. وكانت وفاته ليلة الجمعة (12 رمضان 597هـ) بين العشائين، واجتمع أهل بغداد وحملت جنازته على رءوس الناس، وكان الجمع كثيرا جدا، فرحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته ونفعنا بعلومه آمين

About the Book

آداب الحسن البصري – الإمام جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي

الفصل الثالث فيما أورده من الحكم والمواعظ مختصراً على جهة البلاغة والإيجاز:

وكان يقول: إن هذا الدين قوي، وإن الحق ثقيلٌ، وإن الإنسان ضعيفٌ، فليأخذ أحدكم ما يطيق؛ فإن العبد إذا كلف نفسه من العمل فوق طاقتها، خاف عليها السآمة والترك.
وكان يقول: المرض زكاة البدن، كما أن الصدقة زكاة المال، فكل جسمٍ لا يشتكي كمثل مالٍ لا يزكى.
وكان يقول: أفضل العمل الفكرة والورع، فمن كانت حياته كذلك، نجا، وإلا، فليحتسب حياته.
وكان يقول: الفكرة مرآةٌ تريك حسنتك من سيئتك، ومن اعتمد عليها أفلح، ومن أغفلها افتضح.
وقال له رجلٌ يوماً: يا أبا سعيدٍ! كنت حدثتني بحديثٍ فنسيته، فقال الحسن: لولا النسيان، لكثر الفقهاء.

وكان يقول: من وقر صاحب بدعةٍ، فقد سعى في هدم الإسلام.
وكان يقول: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((إذا مدح الفاسق، غضب الله تعالى)).
وكان يقول: احذروا العابد الجاهل، والعالم الفاسق؛ فإن فيهما فتنةً لكل مفتونٍ.
وكان يقول: ابن آدم! لا يغرنك أن تقول: المرء مع من أحب؛ فإنك لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم، وأن اليهود والنصارى ليحبون أنبياءهم، ولا والله ما يحشرون معهم، ولا يدخلون في زمرتهم، وإنهم لحصب جهنم هم لها واردون.
وكان يقول: لا تزال هذه الأمة بخير، ولا تزال في كنف الله وستره، وتحت جناح ظله ما لم يرفق خيارهم بشرارهم، ويعظم أبرارهم فجارهم، ويمل قراؤهم إلى أمرائهم، فإذا فعلوا ذلك، رفعت يد الله عنهم، وسلط عليهم الجبابرة فساموهم سوء العذاب، ولعذاب الآخرة أشق وأبقى، وقذف في قلوبهم الرعب.
وقيل: رأى الحسن نعيم بن رضوان يمشي مشية المتكبر، فقال:انظروا إلى هذا ليس فيه عضوٌ إلا ولله تعالى فيه نعمةٌ، وللشيطان لعنةٌ.
وكان يقول: يحاسب الله سبحانه المؤمنين يوم القيامة بالمنة والفضل، ويعذب الكافرين بالحجة والعدل.
وكان يقول: يا عجباً لألسنةٍ تصف، وقلوبٍ تعرف، وأعمالٍ تخالف.
وكان يقول: من أحب أن يعلم ما هو فيه؟ فليعرض عمله على القرآن، ليتبين له الخسران من الرجحان.
وكان يقول: رحم الله عبداً عرض نفسه على كتاب الله، فإن وافق أمره، حمد الله، وسأله المزيد، وإن خالف، استعتب، ورجع من قريبٍ.
وكان يقول: يا عجباً لابن آدم! حافظاه على رأسه، لسانه قلمهما، وريقه مدادهما، وهو بين ذلك يتكلم بما لا يعنيه.
وكان يقول: ابن آدم! تحب أن تذكر حسناتك، وتكره أن تذكر سيئاتك، وتؤاخذ غيرك بالظن، وأنت مقيمٌ على اليقين، مع علمك بأنك قد وكل بك ملكان يحفظان عليك قولك وعملك.
وقال أبان: دخلت على الحسن المسجد، فقلت: هل صليت -رحمك الله؟- فقال: لا! قلت: فإن أهل السوق قد صلوا، فقال: ومن يأخذ عن أهل السوق دينه؟! إن نفقت سلعتهم أخروا الصلاة، وإن كسدت قدموها.
وكان يقول: احذر ثلاثة لا تمكن الشيطان فيها من نفسك: لا تخلون بامرأةٍ ولو قلت: أعلمها القرآن، ولا تدخل على السلطان ولو قلت: آمره بالمعروف وأنهاه عن المنكر، ولا تجلس إلى صاحب بدعةٍ؛ فإنه يمرض قلبك، ويفسد عليك دينك.
وكان يقول: تفقد الحلاوة في ثلاثةٍ: في الصلاة، والقراءة، والذكر، فإن وجدت ذلك، فامض وأبشر، وإلا فاعلم أن بابك مغلقٌ، فعالج فتحه.
وكان يقول: لولا ثلاثةٌ ما طأطأ ابن آدم رأسه: الموت، والمرض، والفقر، وإنه بعد ذلك لو ثابٌ.

Share via
Copy link