ربانية لا رهبانية

ربانية لا رهبانية

ربانية لا رهبانية - ماذا خسر الغرب بانحطاط العرب - أبي الحسن الندوي- هو الشيخ العلامة أبو الحسن علي بن عبد الحي الحسني (نسبة إلى الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما) النَّدْوي (نسبة إلى ندوة العلماء)، الهندي الجنسية ، العالمي العطاء ، شيخ الأمة ، ولسانها الناطق بالحق يعد أبو الحسن الندوي من أشهر العلماء المسلمين في الهند، وله كتابات وإسهامات عديدة في الفكر الإسلامي، وكان كثير السفر إلى مختلف أنحاء العالم لنصرة قضايا المسلمين والدعوة للإسلام وشرح مبادئه، وإلقاء المحاضرات في الجامعات والهيئات العلمية والمؤتمرات. ولد بقرية "تكية" بمديرية "راي بريلي" في الولاية الشمالية بالهند في 6 من المحرم 1333هـ= 1914م،وتوفي في (23 من رمضان 1420هـ - 31 من ديسمبر 1999م)، عن 86 عامًا.

About the Book

 ربانية لا رهبانية – أبي الحسن الندوي

             –  المجلد …         للتصفح أو التحميل

ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – أبي الحسن الندوي

             –  المجلد        للتصفح أو التحميل

الندوي .. ميلاده ونشأته

هو أبو الحسن علي بن فخر الدين، ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما. ولد بقرية “تكية” بمديرية “راي بريلي” في الولاية الشمالية بالهند في 6 من المحرم 1333هـ= 1914م، كان والده [1] علامة الهند ومؤرخها، وكانت والدته [2] من السيدات الفاضلات؛ تحفظ القرآن الكريم وتقول الشعر، وتؤلف الكتب، توفي والده وهو دون العاشرة فأشرف أخوه الكبير على تربيته، فحفظ القرآن، وتعلم الأردية والإنجليزية والعربية، ثم التحق بجامعة لكهنؤ، وهي جامعة تدرس العلوم المدنية باللغة الإنجليزية، وفيها قسم لآداب اللغة العربية، اختاره أبو الحسن عن شوق، ثم التحق بدار العلوم لندوة العلماء عام 1929م، ليلاقي كبار علماء الهند، وليحضر دروس الشريعة عليهم، ولكنه لم يرتو بعد؛ فالتحق بديوبند مدة شهور، ثم سافر إلى لاهور، وقرأ التفسير القرآني على كبار علمائها، وتحققت أمنيته بلقاء شاعر الإسلام محمد إقبال، فجالسه وأفاد منه، وعين –بعد ذلك- مدرسًا بدار العلوم لندوة العلماء في عام 1934م.

الندوي .. همة باكرة
يُعَدُّ أبو الحسن الندوي من أشهر العلماء المسلمين في الهند، وله كتابات وإسهامات عديدة في الفكر الإسلامي، وكان كثير السفر إلى مختلف أنحاء العالم لنصرة قضايا المسلمين والدعوة للإسلام وشرح مبادئه، وإلقاء المحاضرات في الجامعات والهيئات العلمية والمؤتمرات.

دفعته همته الباكرة -صغيرًا- إلى كتابة مقال تاريخي، وعمره (18 سنة) يتحدث فيه عن جده المجاهد أحمد بن عرفان شهيد الإسلام، وبعث به إلى (مجلة المنار) المصرية التي يقوم عليها العلامة محمد رشيد رضا فنشره، وبدأ الندوي الدعوة إلى الله على المنابر خطيبًا.

ثم سافر إلى (دلهي) في رحلة علمية، فالتقى بعالمها الكبير الشيخ محمد إلياس؛ فعزم الندوي أن يكون داعية بلسانه، كما يكتب بقلمه، ولكنه رأى أن يدعو ويرحل إلى العالم الإسلامي كله، بدلاً من الدعوة في الهند فقط كما فعل شيخه إلياس، فرحل إلى الحجاز مرات، وإلى مصر، والمغرب، والشام، وتركيا، وزار أميركا، والدول الأوربية، وطوف بأكثر عواصم العالم الإسلامي، وكانت رحلاته عظيمة التأثير.

الندوي .. إسهاماته العلمية
مؤلفاته
بلغ مجموع مؤلفات الندوي وترجماته نحو 700 عنوانًا، منها 177 عنوانًا بالعربية، ترجم عدد منها إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والبنغالية والإندونيسية وغيرها..

وكان كاتبًا غزير الانتاج، صاحب منهج متميّز عن غيره من المفكّرين والباحثين المعاصرين بسبب معرفته لعدد من اللغات كالعربيَّة والأورديَّة والانجليزيَّة والفارسيَّة، وسعة اطّلاعه على مصادر الحضارات غير الإسلاميَّة، فضلاً عن تعمقه في التاريخ الإسلامي، وقد تميّزت مؤلّفاته كلّها بالغوص العميق في فهم أسرار الشريعة، والتحليل العميق لمشاكل العالم الإسلامي.

أهم مؤلفات الندوي
نُشِرَ أوَّلُ مقالٍ للندوي بالعربية في مجلة “المنـار” -يرأسها العلامة محمد رشيد رضا- (1931م) حول حركة الإمام السيد أحمد بن عرفان (الشهيد في بالاكوت عام 1831م)، ثم توسع في هذا المقال فظهر له أوَّلُ كتاب بالأردية (1938م)، بعنوان “سيرة سيد أحمد شهيد” ونال قبولاً واسعًا في الأوساط الدينية والدعوية، وألّف بعدها كتابه “مختارات في أدب العرب” (1940م)، ثم ألف سلسة “قصص النبيين” للأطفال في خمسة أجزاء، وسلسلةً أخرى للأطفال باسم: “القراءة الراشدة” في ثلاثة أجزاء، في الفترة مابين 1942-1944م.

ثم بدأ الندوي في تأليف كتابه المشهور  -ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين-  (1944م)، وأكمله (1947م)، وقد طُبِعت ترجمتُه الأرديةُ في الهند قبل رحلته الأولى للحج عام 1947م، وقدم لهذا الكتاب الأستاذ سيد قطب، وقال عنه العلامةالقرضاوي: “الكتاب نظرة جديدة إلى التاريخ الإسلامي، وإلى التاريخ العالمي من منظور إسلامي، وهو منظور عالم مؤرخ مصلح داعية، يعرف التاريخ جيدًا، ويعرف كيف يستخدمه لهدفه ورسالته”.

وألَّف رسالة بعنوان: “إلى مُمثِّلي البلاد الإسلامية” (1947م)، وجَّهها إلى المندوبين المسلمين والعرب المشاركين في المؤتمر الآسيوي المنعقد في دلهي- بدعوة من رئيس وزراء الهند وقتها: جواهر لال نهرو- فكانت أولَ رسالةٍ له انتشرت في الحجاز عند رحلته الأولى.

كما كلَّفته الجامعة الإسلامية في عليكره (A.M.U.) الهند (1942م)، بوضع منهاج لطلبة الليسانس في التعليم الديني أسماه “إسلاميات”، وألقى في الجامعة الْمِلِّيَّة بدلهى محاضرةً طُبعت بعنوان: “بين الدين والمدنِيَّةِ”.

وقد دُعِي أستاذًا زائِرًا في جامعة دمشق (1956م)، وألقى محاضرات بعنوان: “التجديد والمجدِّدون في تاريخ الفكر الإسلامي”، ضُمَّت – فيما بعد- إلى كتابه الكبير “رجال الفكر والدعوة في الإسلام” (أربعة أجزاء)، كما ألقى محاضرات في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بدعوة من نائب رئيسها سماحة الشيخعبد العزيز بن باز (1963م)، طُبِعت بعنوان: “النبوة والأنبياء في ضوء القرآن”.

وسافر إلى الرياض بدعوة من وزير المعارف السعودي (1968م)؛ للمشاركة في دراسة خِطَّة كلية الشريعة، وألقى بها عدَّةَ محاضرات في جامعة الرياض وفي كلية المعلِّمين، وقد ضُمَّ بعضُها إلى كتابه: “نحو التربية الإسلامية الحرة في الحكومات والبلاد الإسلامية”.

كما ألّف -بتوجيهٍ من شيخه عبد القادر الراي بورى- كتابًا حول القاديانية (1958م)، بعنوان: “القادياني و القادينية”، وألَّف كتابه “الصِّراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية” (1965م)، وكتابه “الأركان الأربعة” (1967م)، و”العقيدة والعبادة والسلوك” (1980م)، و”صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول الأعظم والمسلمين الأوائل عند أهل السنة والشيعة” (1984م)، و”المرتضى” في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (1988م).

ومن مؤلَّفاته أيضًا
(العرب والإسلام) و(مذكّرات سائح في الشرق العربي) و(الإسلام والحياة) و(المسلمون وقضية فلسطين) و(المسلمون في الهند) و(روائع إقبال) و(الصراع بين الإيمان والماديَّة) و(إلى الإسلام من جديد) و(الطريق إلى المدينة) و(العاقبة للعرب والمسلمين) و(العرب يكتشفون أنفسهم) و(روائع من أدب الدعوة) و(التفسير السياسي للإسلام) و(إذا هبت ريح الإيمان) و(بين الصورة والحقيقة) و(الإسلام والعلم) و(حديث من الغرب).

الندوي .. آراؤه ومنهجه العلمي والفكري
تلقى أبو الحسن الندوي تربيته الروحيَّة على الشيخ عبد القادر الرائي فورى، وتأثّر بفكر الإمامأحمد بن حنبل، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وأحمد بن عبد الأحد السرهندي، وشاه ولي الله الدهلوي، وكان الشيخ محمد إلياس من أعظم أساتذته تأثيرًا فيه.

ورأى الندوي أن الأحداث التي عاصرها وعلى رأسها سقوط الخلافة، دعمت إيمانه ويقينه بأن الإسلام لا بدّ أن يتولَّى الزمام لإنقاذ العرب والعالم؛ لأن الحل الوحيد لمأساة الإنسان يكمن في تحوّل قيادة العالم إلى أيد مؤمنة بقيم الإنسانيَّة، وكان محور إصلاحه: مكافحة الغزو الفكري، وبثّ روح الاعتزاز بالإسلام في المسلمين، ومقاومة الردَّة وآثارها، وخاطب العرب وركّز عليهم اهتمامه، لأنّهم يحملون استعدادًا روحيًّا ومعنويًّا وماديًّا لقيادة العالم الإسلامي، وبالتالي لقيادة العالم أجمع، وكان حريصًا على نهضة العرب بمواهبهم وكفاءاتهم.

وحدّد واجب العلماء والطبقة المثقفة في مقال نُشِرَ بمجلَّة (البعث الإسلامي) قائلاً: “إنّ مسؤوليَّة العلماء والمفكّرين المسلمين في العصر الحديث -بعد مواجهتهم للتحدّيات المعاصرة وإثباتهم أن الإسلام قادر على قيادتها وترشيدها والسموّ بها- هي أن يفضّلوا الإسلام على كل جماعة، ومؤسّسة، ومدرسة، وطائفة، وحزب، وليكن مصلحة الدين والعقيدة مفضّلة على عمل كل مصلحة حزبيَّة، أو جماعيَّة”.

ومن أبرز تأمّلاته: قضيَّة الإصلاح والتغيير؛ حيث رأى أنّ المنهج الإصلاحي الذي نريده ينبع أساسًا من تكوين الفرد تكوينًا نوعيًّا، ويحمل على بعض المصلحين الذين خلطوا الواقع الإصلاحي بالتجربة والروح الغربيَّة، وكان يندهش من المسلمين الذين اطمأنّوا لتدريس أبنائهم في المؤسسات العلميَّة الغربيَّة، وغفلوا عن هدف الغرب في القضاء على الهويَّة الإسلاميَّة لهم، وتنبّه إلى ضرورة إحداث تغيير شامل في الجامعات الإسلاميَّة من خلال ربط العلم بالتربية؛ وأولى اهتمامًا كبيرًا بالمنهل العلمي الذي يتلقّاه الشباب، فلا بدّ من تصفية هذا المنهل من خلال توحيد التعليم ليكون وحدة شاملة تجمع بين الوسائل والغايات.

ثم إنه أكَّد عالميَّة الرسالة وإنسانيَّتها، وفي ذلك ما يبعث على الغيرة، وما يبعث على أن يتنافس العرب، وأن يسبقوا لأنَّهم أهل الفضل وأهل الرسالة، وأهل الدعوة، وأشاد بدور العرب لأنهم الذين أشركونا في هذه الثروة السماويَّة السامية الأخيرة، وأنَّ هذه الدعوة قد لبيّت تلبية حسنة، وكانت مستجابة استجابة كريمة تليق بإخواننا العرب وبشرفهم وبمكانتهم وبزعامتهم وقيادتهم.

ركائز فقه الدعوة عند أبي الحسن الندوي
حدد الدكتور يوسف القرضاوي ركائز عشرين لفقه الدعوة عند أبي الحسن الندوي، هي:

1- تعميق الإيمان في مواجهة المادية.
2- إعلاء الوحي على العقل.
3- البناء لا الهدم، والجمع لا التفريق.
4- إحياء روح الجهاد في سبيل الله.
5- استيحاء التاريخ الإسلامي وبطولاته.
6- نقد الفكرة الغربية والحضارة المادية.
7- تأكيد دور الأمة المسلمة واستمراره في التاريخ.
8- التنويه بقضية فلسطين وتحريرها.
9- العناية بالتربية الإسلامية الحرة.
10- دعوة غير المسلمين.

الندوي .. أهم أعماله ومناصبه
بدأ الندوي رحلاته الدعوية عام 1939م في الهند، وأسس مركزًا للتعليم الإسلامي عام 1943م، ثم اختير عضوًا في المجلس الانتظامي لندوة العلماء عام 1948م، ثم أسس حركة رسالة الإنسانية عام 1951م، والمجمع الإسلامي العلمي عام 1959م، في لكنو بالهند، واختير أمينًا عامًا لندوة العلماء عام 1961م –التي ظل بها حتى وفاته، وأدار الجلسة الأولى لتأسيس رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام 1962م نيابةً عن رئيسها سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -وقد حضر أوّلها جلالةُ الملك سعودُ بن عبد العزيز آل سعودكما حضرها الملك إدريس السنوسي حاكم ليبيا، وشخصيات أخرى ذات شأن -وقدَّم فيها مقالَه القيِّمَ “الإسلام فوق القوميات والعصبيات”.

اختير الندوي عضوًا في المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة منذ تأسيسها عام 1962م، وظلَّ عضوا فيه إلى انحلال المجلس وانضمام الجامعة في سلك بقية الجامعات السعودية تابعةً لوزارة التعليم العالي، كما دعا إلى تأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية عام 1984م، واختير أول رئيس لها عام 1986م.

حصل الندوي على عضوية كثير من الهيئات والمؤسسات الدعوية العلمية والعالمية منها: رابطة الجامعات الإسلامية منذ تأسيسها، والمجمع العلمي بدمشق، ومجمع اللغة العربية الأردني عام 1980م، والمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) بالأردن، عام 1983م، كما مُنح درجة الدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعة كشمير عام 1981م، واختير رئيسًا لمركز أكسفورد للدراسات الإسلامية [3] عام 1993م، وبعد وفاته صار بالمعهد درجة زمالة (أبو الحسن الندوي)، وممن منح هذه الزمالة أ.د. وهبه الزحيلي عام 2000م.

وذلك عدا عضويته في كثير من الجامعات الإسلامية، والمنظمات الدعوية، ولجان التعليم والتربية.

جوائز الندوي
– منح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، سنة (1400هـ= 1980م).
– منحته إمارة دبي جائزة شخصية العام الإسلامية لعام 1419هـ؛ في دورتها الثانية، بعد أن منحت في دورتها الأولى لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي.
– منحه معهد الدراسات الموضوعية بالهند جائزة الإمام ولي الله الدهلوي لعام1999م -والتي تم منحها لأول مرة- وكان قد تقرر اختياره لهذه الجائزة في حياته ولكن وافته المنية قبل الإعلان الرسمي، وقد استلم هذه الجائزة باسمه / ابن أخته وخليفته فضيلة الشيخ محمد الرابع الحسني النَّدْوي في دلهي في (7 من شعبان 1421هـ = نوفمبر2000م).
– منحته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ( ايسسكو ISESCO) -تقديرًا لعطائه العلمي المتميز وإكبارًا للخدمات الجليلة التي قدمها إلى الثقافة العربية الإسلامية- وسام الإيسسكو من الدرجة الأولى. وقد استلم هذا الوسام نيابة عنه سعادةُ الدكتور عبد الله عباس النَّدْوي في الرباط في 25 من شعبان 1421هـ.
– منح جائزة السلطان حسن بلقية العالمية في موضوع “سير أعلام الفكر الإسلامي” من مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية عام (1419هـ =1998م).

ثناء العلماء عليه
قال عنه الدكتور يوسف القرضاوي: “كان الندوي يمثل نسيجًا مميزًا من العلماء المسلمين ينضم إلى العلماء الكبار..، “أنه رجل جعل الرسول الكريم أسوته في هديه وسلوكه وحياته كلها، واتخذ سيرته نبراسًا له، في تعبده وزهده، وإعراضه عن زخارف الحياة، وزينة الدنيا، فهو يعيش في الخلف عيشة السلف، لا يهتم بما يهتم به أمثالنا من متاع وتملك ورياض وزينة، تحسبه إذا رأيته سلمان الفارسي أو أبا الدرداء”.

كتب عنه الشيخ الغزالي في مذكراته، وقال: “إن رسائل الندوي هي التي لفتت النظر إلى موقف ربعي بن عامر  رضي الله عنه بين رستم قائد الفرس وكلماته البليغة له.. أبو الحسن الندوي -فيما أعلم- هو أول من نبهنا إلى قيمة هذا الموقف وهذه الكلمات، ثم تناقلها الكاتبون بعد ذلك وانتشرت”.

وصفه الشيخ علي الطنطاوي لما زاره سنة (1373هـ=1954م) في لكهنؤ فقال: “وجدته في الأحوال كلّها، مستقيمًا على الحق، عاملاً لله، زاهدًا حقيقيًّا زهد العالم العارف بالدنيا وأهلها”.

ووصف الدكتور ليث القيسي الإمام الندوي بأنّه رمز بارز من رموز الدعوة الإسلاميَّة، ومعلم ظاهر في الحقبة التاريخيَّة التي عاشها، وطاقة فعّالة وجذوة لم تنطفئ، قضاها كاتبًا ومحاضرًا ومشاركًا في الندوات والمؤتمرات؛ وتحدّث القيسي عن جهوده في خدمة السيرة النبويَّة فأشار إلى أنّ جهود الندوي في السيرة لا تفهم إلاّ من خلال خلفيَّة تاريخيَّة ميّزت كتاباته وتزامنت مع طبيعة التحوّلات الفكريَّة السياسيَّة التي مرَّت بها الأمَّة الإسلاميَّة خلال القرن العشرين الذي علت فيه الفكرة الغربيَّة في صراعها للفكرة الإسلاميَّة، وشخَّص العلَّة وبيَّن ما خسره العالم بتراجع المسلمين عن القيادة إلى التبعيَّة ثقافيًّا وفكريًّا وسياسيًّا، وانطلق إلى طرح قضايا الأمَّة معالجًا لها من خلال توظيف السيرة توظيفًا فعّالاً، وكان منطلقه من (الطريق إلى السنَّة) وثمرته كتاب (السيرة النبويَّة) الذي ضمّنه منهجًا خاصًّا في كتابة السيرة؛ أمّا منهجه في كتابة السسيرة فينطلق من خلال البعد التاريخي، والبعد الحضاري، والبعد الإنساني، والبعد الدعوي والتربوي، والبعد العقائدي، والتكامليَّة بين العلوم.

وقال يوسف القرضاوي: “الندوي.. مثال للعالم المسلم، والداعية المجدد، ومثال جمع بين رقة الربانيين، وتوحيد السلفيين، والتزام السنيين، وثقافة المعاصرين”.

وقال الدكتور مصطفى السباعي: “الندوي.. ذخر للإسلام ودعوته. وكتبه ومؤلفاته تتميز بالدقة العلمية وبالغوص العميق في تفهم أسرار الشريعة وبالتحليل الدقيق لمشاكل العالم الإسلامي ووسائل معالجتها”.

وقال سيد قطب: “الندوي.. رجل عرفته في شخصيته وفي قلمه، فعرفت فيه قلب المسلم، والعقل المسلم، وعرفت فيه الرجل الذي يعيش بالإسلام وللإسلام على فقه جيد للإسلام.. هذه شهادة لله أؤديها”.

وقال محمد الرابع الحسني الندوي: “الندوي.. قدوة أبناء المسلمين في الغيرة للدين والكفاح لإعزاز الإسلام والذَّب عن حوزته، وإقرار روحه وطبيعته الحقيقية”.

وقال محمد حميد الدين الحسامي: “الندوي.. أمة وحده، وشخصية عظيمة فذة، وموسوعة فكرية متنوعة الجوانب والمباحث، قلَّما يجود الزمان بمثله”.

وقال عبد الحليم عويس: “الندوي.. رجل لم يتاجر يومًا بمبادئه، ولم يقف يومًا على باب أحد، ولم ينافس يومًا على الدنيا”.

وقال عنه الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر عبد الحليم محمود: “أخلص أبو الحسن الندوي وجهه لله تعالى، وسار في حياته سيرة المسلم المخلص لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فدعا إلى الإسلام بالقدوة الحسنة، ودعا إلى الإسلام بكتبه النقية، ودعا إلى الإسلام بسياحته التي حاضر فيها، ووجه وأرشد، فجزاه الله خير ما يجزي عالما عن دينه”.

دراسات عن الندوي
من المشايخ الذين درسوا العلامة الندوي؛ الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالى المراكشي، والشيخ حيدر حسن خان، والشيخ حسين أحمد المدني، والشيخ عبد القادر الراي وهو المربي الروحي للندوي.

كما كتب عن الندوي الكثيرون؛ ومنهم د. مصطفى السباعي، وسيد قطب، وعلي الطنطاوي، ومحمد المجذوب.. وغيرهم، ومما كُتِبَ عنه أيضًا:

– أبو الحسن الندوي كما عرفته: أ.د. يوسف القرضاوي.
– النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين: د. محمد رجب البيومي (الجزء الثالث) – سلسلة البحوث الإسلامية: السنة 13 الكتاب الأول: مجمع البحوث الإسلامية – القاهرة: (1402 هـ = 1982م). وطبعة دار القلم والدار الشامية (خمسة مجلدات)، (1415هـ- 1995م).
– علماء ومفكرون عرفتهم: محمد المجذوب.
–  علماء العرب في شبه القارة الهندية: يونس السامرائي.
– الدراسات القرآنية المعاصرة: محمد السديس.
– أدب الصحوة الإسلامية: واضح الندوي
– ذكريات علي الطنطاوي.
– أبو الحسن الندوي مفكر وداعية: عبد الحليم عويس، مقال منشور بمجلة الفيصل، العدد (39)، رمضان (1400هـ= 1980م).
– أبو الحسن الندوي شاهد القرن: مجلَّة المجتمع، العدد (1397)، 25 من أبريل 2000م.

وفاة الندوي
توفي أبو الحسن الندوي في (23 من رمضان 1420هـ = 31 من ديسمبر 1999م)، عن 86 عامًا.

توفي في العشر الأواخر من رمضان، وفي يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، وقبل صلاة الجمعة أفضل الساعات، وقد توضأ واستعد للصلاة، وشرع يقرأ سورة الكهف كما تعوّد كل جمعة، فوافاه أجله على أفضل حال.

الدكتور راغب السرجاني -عن موقع قصة الإسلام

Share via
Copy link