التقوى والورع
صفات عباد الرحمن: التقوى والورع
1–التقوى
و تقوى الله تعالى هي جوهر الإسلام و هي الإيمان الحقيقي بالله تعالى, وعمل صالح يشمل عبادة الله تعالى وحده, وحسن التعامل مع خلقه .
قال تعالى
وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً{3 } الطلاق .
بمعنى, ومن يتق الله في أداء الفرائض يجعل له مخرجا من عقوبة أهل البدع, ويرزقه الجنة من حيث لا يحتسب.
قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ[1] لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {15} آل عمران.
يقول الحق جلّ جلاله: { قل } يا محمد: أأخبركم { بخير } من الذي ذكرتُ لكم من الشهوات الفانية واللذات الزائلة، وهو ما أعد الله للمتقين عند لقاء ربهم، وهو { جنات تجري من } تحت قصورها الأنهار؛ من الماء واللبن والعسل والخمر، { خالدين فيها } ، لا كنعيم الدنيا الفاني، { ولهم فيها أزواج } من الحور العين، مطهرات من الحيض والنفاس وسائر المستقذرات، { ورضوان من الله } الذي هو { أكبر } النعم.[2]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {15} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ {16} كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ[3] {17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {18} وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ {19} الذاريات.
يقول الحق جلّ جلاله: { إِنَّ المتقين في جناتٍ وعيون } عظيمة، لا يبلغ كُنهها، ولا يُقادر قدرها، ولعل المراد بها الأنهار الجارية، بحيث يرونها، ويقع عليها أبصارهم، لا أنهم فيها، { آخذين ما آتاهم ربهم } أي: نائلين ما أعطاهم راضين به، بمعنى أنَّ كلَّ ما يأتهم حسَنٌ مرضي، يتلقى بحسن القبول، { إِنهم كانوا قبل ذلك } في الدنيا { محسنين } متقنين لأعمالهم الصالحة، آتين بها على ما ينبغي، فلذلك نالوا ما نالوا من الفوز العظيم، ومعنى الإحسان ما فسره به عليه الصلاة والسلام: – أن تعبد الله كأنك تراه– الحديث.
قال القشيري: كانوا قبل وجودهم محسنين، وإحسانهم: كانوا يُحبون الله بالله، يحبهم ويحبونه وهم في العدم، ولمَّا حصلوا في الوجود، { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون}، كأنَّ نومهم عبادة، لقوله عليه الصلاة والسلام: – نوم العالم عبادة – فمن َيكون في العبادة لا يكون نائماً، وهجوع القلب: غفلته، ناموا أو استيقظوا، فغفلتهم بالنسبة إلى حضورهم قليلة. وقال سهل رضي الله عنه: أي: كانوا لا يغفلون عن الذكر في حال، يعني هجروا النوم؛ لوجود الأُنس في الذكر، والمراد بالنوم: نوم القلب بالغفلة.
{ وبالأسحارِ هم يستغفرون } وصفهم بأنهم يحيون جُل الليل متهجدين، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار من رؤية أعمالهم. والسَحر: السدس الأخير من الليل ، كأنهم المختصون بالاستغفار، لاستدامتهم له، وإطنابهم فيه.
{ وفي أموالهم حقُّ } أي: نصيب وافر، يُوجبونه على أنفسهم، تقرُّباً إلى الله تعالى وإشفاقاً على الناس، { للسائلِ والمحروم } أي: لمَن يُصرح بالسؤال لحاجة، وللمتعفف الذي يتعرّض ولا يسأل حياءً وتعففاً، يحسبه الناس غنيّاً فيحرم نفسه من الصدقة.[4]
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ {201}الأعراف .بمعنى إن الذين اتقوا المعاصي إذا لحقهم شيء, تفكروا في قدرة الله تعالى وفي أنعامه عليهم, فتركوا المعصية.
أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {62} الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ { 63} يونس.
والمعنى, لا يخافون أهوال الآخرة ولا يحزنون على ما تركوه من ورائهم من الدنيا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى ذر : اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن[5]
عن العرباض أبن سارية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : …أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة… [6]
عن أبي هريرة قال،- قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟ قال : -أكرمهم أتقاهم- . قالوا : يا نبي الله ، ليس عن هذا نسألك، قال : فأكرم الناس, يوسف نبي الله ، ابننبي الله ، ابن نبي الله ، ابن خليل الله . قالوا : ليس عن هذا نسألك ، قال: فعن معادن العرب تسألونني . قالوا : نعم ، قال : فخياركم في الجاهلية خياركم فيالإسلام ، إذا فقهوا[7].
قال ابن عطاء الله : للتقوى ظاهر وباطن، فظاهرها محافظة الحدود وباطنها النية والإخلاص[8].
وقال بعض السلف الصالح : التقوى أن يعمل الرجل بطاعة الله على نور من الله يرجو رحمته وأن يترك معصية الله ويخاف عذابه ويتقرب إلى الله بأداء فرائضه ونوافله.
2- الورع
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن ورعا تكن أعبد الناس, وكن قانعا تكن أشكر الناس, وأحب للناس ما تحب لنفسك مؤمنا, وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما, وأقلل الضحك فان كثرة الضحك تميت القلب[9]
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه [10].
قال شيخ الإسلام: فأما الورع المشروع المستحب الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم, فهو اتقاء ما يخاف أن يكون سبباً للذم والعذاب عند عدم المعارض الراجح، ويدخل في ذلك أداء الواجبات والمشتبهات التي تشبه الواجب، وترك المحرمات والمشتبهات التي تشبه الحرام، وإن أدخلت فيه المكروهات قلت: يخاف أن تكون سبباً للنقص والعذاب، وأما الورع الواجب فهو اتقاء ما يكون سبباً للذم والعذاب، وهو فعل الواجب وترك المحرم،[11]
قال ابن القيم : الورع هو ترك ما يخشى ضرره في الآخرة.
و قيل : الورع يطهر دنس القلب ونجاساته كما يطهر الماء دنس الثوب ونجاسته .
وقال بعض الصحابة: كنا ندع سبعين بابًا من الحلال؛ مخافة أن نقع في بابٍ من الحرام.
وقال أبو هريرة: جلساء الله تعالى غدًا أهل الورع والزهد.
قال يونس بن عبيد : الورع الخروج من كل شبهة ومحاسبة النفس في كل طرفة[12]
قال معروف الكرخي : احفظ لسانك من المدح كما تحفظه من الذم[13].
——————————————————
من زينة الحياة الدنيا[1]
البحر المديد ابن عجيبة [2]
كانوا يقومون الليل في صلاة وعبادة[3]
البحر المديد ابن عجيبة[4]
الترمذي سنن[5]
سنن الترمذي 2676[6]
3374 البخاري صحيح[7]
الرسالة القشيرية عبد الكريم القشيري[8]
الترغيب والترهيب المنذري 3/25[9]
صحيح ابن حبان 229[10]
مجموع الفتاوى ابن تيمية[11]
الرسالة القشيرية عبد الكريم القشيري[12]
الرسالة القشيرية عبد الكريم القشيري[13]