مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
– مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
لفضيلة الشيخ الدكتور أبي أسامة, مصطفى غانم السكوني الحسيني
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار رضي الله تعالى عنهم أجمعين :
وبعـد ؛
فمنذ مدة وأنا أسمع من يعارض الاحتفال بمولد سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . ويكثرون الكلام بأنه بدعة ضلالة بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم به ولا صحابته رضي الله عنه ، وعدُّوه من الزيادة في الدين، وأنه تشبه بالنصارى!!
وبغض النظر عن القائل من يكون ؛ فهو ، بالتأكيد، ليس عدوا مغرضا فننزل عليه جام غضبنا ، وإنما هو مؤمن محب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، يخشى على دينه وسنة نبيه من الزيادة والابتداع ، فهو مأجور من هذه الناحية، بل إننا نحبه محبة شديدة لهذه الغيرة! ولكن بإمعان النظر في حججه نلحظ بعض العنت، والتحجير واسعا ، وإلا فلم يقل أحد من السلف ولا من الخلف: إن رسول الله أو صحابته فعلوه، ومعلوم من أصول الدين وفروعه ، ليس كل ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم والسلف وفعله الخلف من بعدهم يعتبر تكميلا في الدين واستدراكا على الشريعة؛ إذ هناك الكثير من المسائل الاجتهادية ظهرت فيما بعد عهد النبوة والقرون المفضلة، ولم يقل أحد عنها: إنها استدراك أو زيادة في الشريعة، فتأمل.
ثم إن الترك وحده إن لم تصحبه قرينة شرعية على أن هذا المتروك محظور لا يكون نصا في ذلك ؛ بل غايته، أن ترك ذلك الفعل مشروع؛ وقد يكون فعله أيضا مشروعا مادام لا يتنافى مع أسس الشريعة في شيء، أو إذا كان مما يساعد على القيام بالواجب؛ لأنه مالا يقوم الواجب إلا به فهو واجب والزعم أيضا، بأنه تشبه بالنصارى ليس صحيحا؛ لأن التشبه المنهي عنه في الشريعة، هو التطابق التام معهم، وفرق بين احتفال المسلمين بنبي الإنسانية جمعاء صلى الله عليه وسلم ، واحتفال النصارى بالنبي عيسى عليه السلام، وإن كان المسلمون أحق بالاحتفال بسيدنا عيسى منهم أيضا ، ذلك لأن النية وطبيعة الفعل، متباينة مع نيتهم وفعلهم!!.
هنا نتساءل فنقول : هل الشريعة السمحة طالبتنا بترك كل ما يأتي من غير المسلمين؟ وهل أن كل ما أخذناه من الغير من الأدوات وأساليب المدافعة هو تشبه بهم ؟!
هذا في رأي العقلاء، قول فاسد، يؤدي الأخذ به إلى الحرمان من الكثير من المصالح التي تعود على الإنسانية بالنفع!
والقسطاس في هذا، إنما هو طبيعة الشيء وكنه الفعل من حيث موافقته أو معارضته للشريعة الغراء ، والواقع أنه لم يقل أحد من علماء أهل السنة والجماعة المجيزين للمولد: إنه سنة وإنه من العبادات ومن الواجبات التي يؤاخذ المقصر بها؛ بل هو من العادات الحسنة، ومن وسائل الدعوة إلى الله تعالى، وفيه دعوة للناس وتوحيدهم على الخير، وصلة الأرحام، وتحبيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا وإن لم يكن في زمن السلف بهذه الصورة فهو، ولا شك من المباح ، ولا يعني أبدا أنه بدعة ضلالة كما يظن؛ وعليه فمتى انتفت مسألة أن أهل السنة والجماعة لا يعتبرونه عبادة، بطلت مزاعم القول: إنه بدعة ضلالة محدثة.
هذا بيان لا بد منه, ندخل منه للإجابة عن تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي فأقول:
يقول الأستاذ عباس الجراري حفظه الله : (… من المؤكد أن العباسيين احتفلوا به، أي المولد، طوال مختلف عهودهم، وأن العلويين والشيعة عامة قد احتفلوا به قبل قيام الدولة العباسية )
هذا وقد أفادنا المقريزي في « خِططه » بوجود الاحتفال بالمولد النبوي منذ عهد الفاطميين بمصر حيث كانوا يحتفلون به ضمن ستة مواليد وهي : مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومواليد آل البيت عليهم السلام: علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين ، وفاطمة الزهراء ، والسادس : مولد الخليفة الحاضر.
وكذلك، كان في بداية القرن السادس يحتفل به في مكة فتفتح الكعبة في يوم مولده من شهر ربيع الأول.وكان أمير إربل الإمام السني: مظفر الدين كوكبوري صهر صلاح الدين الأيوبي( تـ630هـ)، مولعا بعمل المولد النبوي ، وذلك بعد أن حسن له العلامة الحافظ أبو الخطاب عمر المعروف بابن دحية الكلبي البلنسي الأندلسي المالكي التسنن به ، ووضع له من أجل ذلك كتابا يعد رائدا في المولديات سماه : « التنوير في مولد السراج المنير »، ليقرأه في يوم المولد وجعل يعيد قراءته كل عام تارة في اليوم الثامن وتارة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، فهو أول الملوك نَظَم هذا الاحتفال في سلك رسوم دولته بالمشرق.
وكان أول من احتفل بالمولد ببلاد المغرب فيما حكاه لنا ابن مرزوق ، هو قاضي سبتة, أبو العباس أحمد بن القاضي محمد بن أحمد اللخمي ثم العزفي السبتي المتوفى عام 633هـ/ 1236م ؛ وكان الحافز له على ذلك ـ كما أفادنا به في كتابه ( الدر المنظم ) ـ ما رآه من دأب المسلمين بالأندلس وسبتة على الاحتفال بالمواسم التي يحتفل بها المسيحيون كـ(النيروز ، والمهرجان ، وميلاد المسيح عيسى عليه السلام ) فغاظه ذلك !! مما دفعه إلى التفكير بجد فيما يشغل عن هذه البدع ، ويقضي على هذه المناكر ولو بأمر مباح، فوقع في نفسه أن ينبه أهل زمانه إلى الاعتناء بمولد الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم رأى أن تلقين ذلك للنشء الصغير أنجح وأنفع فأخذ يطوف على الكتاتيب القرآنية بسبتة ، ويشرح لصغارها مغزى هذا الاحتفال ، حتى يسري ذلك لآبائهم وأمهاتهم بواسطتهم ثم دعا إلى تعطيل قراءة الصبيان يوم هذا المولد العظيم ، وهكذا نشأ هذا الاحتفال لمقاومة التقليد الديني للمسيحيين ، وهو الذي كان أحد عوامل ضعف الشخصية الأندلسية. واستحسن فعله جمهور مشيخة المغرب ووصفوه بالمسلك الحسن .
قال أبو القاسم البرُزلي : ( ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم يعتنى به في الحواضر تعظيما له صلى الله عليه وسلم . وكان شأن أهل الخير إحياء ليلة المولد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومعونة آله ومساهمتهم والإكثار من الصدقات وأعمال البر وإغاثة الملهوف ، مع ما تستجلبه المسرة من مباح اللهو المرخص في مثله بنص السنة).
وقد حدث بعد هذا ـ أن انتصب أبو القاسم محمد العزفي أميرا على سبتة, فكان من أعماله تحقيق دعوة والده ، واحتفل ـ في هذه المدينة ـ بالمولد النبوي من أول ربيع بعد إمارته عام 648 هـ ، حتى عام وفاته 677هـ . وقد وصف لنا ابن عذارى في « البيان المغرب» هذا الاحتفال العزفي بالمولد فقال : (من مآثره العظام، قيامه بمولد النبي عليه السلام ـ من هذا العام ، فيُطعم فيه أهل بلده ألوان الطعام ، ويؤثر على أولادهم ـ ليلة يوم المولد السعيد ـ بالصرف الجديد من جملة الإحسان عليهم والإنعام ، وذلك لأجل ما يطلقون المحاضر والصنائع والحوانيت يمشون في الأزقة يصلون على النبي عليه السلام ، بالفرح والسرور والإطعام للخاص والعام ، جار ذلك على الدوام ، في كل عام من الأعوام).
وظهر لأبي القاسم العزفي أن يوسع هذه الاحتفالات بالمغرب فأهدى للأمير الموحدي عمر المرتضى نسخة من كتاب ( الدر المنظم ) الذي ألفه والده وأتمه هو ، ورغب منه أن يساهم من جهته في هذه المأثرة ، فصار المرتضى يقوم بليلة المولد النبوي بمراكش ، ويحتفل لذلك احتفالا يفيض فيه الخير والإنعام.
واستمر الحال بالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم بالمغرب إلى يومنا الحاضر، وكان أول من احتفل به من المرينيين مؤسس دولتهم يعقوب بن عبد الحق المريني الذي أقام ليلة مشهودة بفاس استمع فيها إلى قصائد الشعراء وكلمات الخطباء ، ثم أحدث ابنه يوسف تعميم هذا الاحتفال في جميع جهات المغرب المريني آخر صفر 691هـ/1292 . قيل : إن ذلك كان بإشارة من الفقيه العزفي أبو طالب عبد الله ابن أبي القاسم الذي كان أمير سبتة يوم ذاك ، ومنذ ذلك صار يوم الثاني عشر من ربيع الأول عيدا مولديا عاما بالمغرب .
ويفيدنا ابن مرزوق ، بأن أبا الحسن المريني دأب على إقامة ليلة المولد حضرا وسفرا ، وأنه كان يستعد لها بألوان المطاعم والحلويات وأنواع الطيب والبخور مع إظهار الزينة والتأنق في إعداد المجالس حتى إذا حلت الليلة ، وأدى السلطان صلاة المغرب ونافلتها ، قصد إلى مجلسه في مكان الاحتفال ، حيث يستدعي الناس للجلوس حسب مراتبهم ، ويأخذون المجالس على طبقاتهم ، فينتظمون في أحسن زي وأجمل شارة ، ثم يقدم الطعام على ترتيب مخصوص …فإذا استوت المجالس وساد الصمت قام قارئ العشر فرتل حصة القرآن الكريم ، ويتلوه عميد المنشدين فيؤدي بعض نوبته ، ثم تأتي نوبة قصائد المديح والتهاني بليلة المولد الكريم …وبعد هذا تسرد المعجزات النبوية وتكثر الصلاة على الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي من أعاجيب ما يرى في بلاد المغرب ، فإذا قضيت صلاة الصبح تقدم ألوان الطعام المختصة بهذا الوقت.
ويفيدنا ابن مرزوق أيضا ، بأن أبناء أبي الحسن ساروا بسيرة أبيهم في هذا الصدد ، وقد أدخلوا على ليالي المولد تحسينات زادتها رونقا وجلالا ، والمعني بالأمر: أبو عنان وأبو سالم ثم أبو فارس الأول . ومن هذا ، أن أبا عنان عمم الاحتفال وجعله في سلك رسوم الدولة وكان يَسُك بمراكش دينارا ذهبيا كبيرا من وزن مائة دينار ، ليقدمه إلى إحدى الشخصيات الزائرة ضمن صلة عيد المولد النبوي.
ونحا نحوهم السلطان أبو فارس عبد العزيز بن أحمد الحفصي بتونس وعين لذلك ليلة اثنتي عشرة من ربيع الأول ، وانتهج نهجه المشير الأول: أحمد باشا بن مصطفى الذي أمر بإقامة حفلات المولد بحاضرة تونس ومدينة القيروان ، وأجرى لذلك من النفقات ما فيه وفاء بالإحسان وكتب له شيخ الإسلام أبو إسحاق إبراهيم الرياحي في ذكرى المولد مختصرا من مولد الشيخ مصطفى البكري المصري.وجاء من بعده الأمير الجليل المشير الثالث : محمد الصادق ، فأمر بتعميم الاحتفال بالمولد في جميع المدن التونسية ، وأجرى لها من مال الدولة عطايا فيها كفاية وفضالة .
ولم يلبث أن أصبحت لهذا الاحتفال تقاليد عند السعديين ، ولاسيما في عهد المنصور ، كما أفادنا بذلك الفشتالي في كتابه « مناهل الصفا » . وقد تطورت هذه التقاليد في ظل ملوك الدولة العلوية على حد ما فصل المؤرخ ابن زيدان في كتابه « العز والصولة » ، وعلى حد ما زلنا نعيش حتى هذه اللحظة.
نعم الدليل على مشروعيته ما ذهب إليه شيخُ شيوخِنا العلامة المجتهد الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله إذ قال : ( دعاني إليه الاتساء بأفاضل الأمة الذين ألهمهم الله صرف الهمة إلى العناية بتعظيم اليوم الذي يوافق من كل عام يوم ميلاد محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام إذ كانوا قد عدوه عيدا ، ورموا برشيق نبل عقولهم بذلك مرمى بعيدا ، علمناه من قوله تعالى في التنويه بشهر رمضان : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن- البقرة: 185) ، فأي يوم أسعدُ من يوم أظهر الله فيه للعالم مولودا كان المنقذ من الضلالة ، أخرج به الناس من ظلمات الشرك ومناقص الجهالة ، وإذا كانت الأعياد الثابتة في الدين قد جاءت على مناسبة الفراغ من عبادات مشروعة ، فذكرى الواسطة العظمى في تبليغ ذلك يحق أن تكون مشيدة مرفوعة.
قلت: ونفهم من إشارة النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضيلة شهر ربيع الأول بقوله للسائل الذي سأله عن صوم يوم الاثنين : « ذاك يومٌ ولدت فيه »تشريف لليوم ، وبدلالة التلازم هو تشريف للشهر الذي ولد فيه ككل أيضا ؛ فينبغي أن يحترم حق الاحترام ، ويفضل بما فضل الله به الأشهر الفاضلة . وهذا منها ؛ لقوله عليه السلام في الحديث الحسن : (( أنا سيد ولد آدم ولا فخر )) وقوله : ((آدم فمن دونه تحت لوائي .)) .
قال ابن الحاج العبدري ، وهو أحد المحاربين للبدع في كتابه الماتع « المدخل » : (وفضيلة الأزمنة والأمكنة بما خصها الله به من العبادات التي تفعل فيها ؛ لما قد عُلِمَ أن الأمكنة والأزمنة لا تشرف لذاتها ، وإنما يحصل لها التشريف بما خصت به من المعاني. فانظر إلى ما خص الله به هذا الشهر الشريف ويوم الاثنين ؛ ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ولد فيه ؟ فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به اتباعا له صلى الله عليه وسلم في كونه كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات) .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذم البدع فقال (( كل بدعة ضلالة ))، فإنه قد أثنى على من أحدث السنن الحسنة وشجع فقال: ((من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)).
وقد حسن الحافظ ابن حجر العسقلاني ،رحمه الله، سنة الاحتفال وخرج ذلك على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من(( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة, وجدهم يصومون يوم, يعني عاشوراء فسألهم فقالوا هذا يوم عظيم نجى الله موسى وأغرق آل فرعون, فصام موسى شكرا لله, فقال : أنا أولى بموسى منهم, فصامه و أمر بصيامه.)), قال : (فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة ، والشكر لله يحصل بأنواع العبادات كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة ، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم ، وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء).
وثبت أن الكثير من العلماء وعلى رأسهم أبا الطيب محمد السبتي المالكي القوصي ـ وهو أحد العلماء العاملين ـ كان يمر على الكتاتيب القرآنية في اليوم الذي ولد فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فيقول : يا فقيه ! هذا يوم سرور، اصرف الصبيان، فيصرفهم . وهذا دليل على تقريره وعدم إنكاره وهو من هو جلالة قدر وتمكن من العلوم مع الورع ، وقد أخذ عنه أبو حيان صاحب البحر المحيط وغيره.
وقد جاء في كتاب« الباعث على إنكار البدع» لعبد الرحمن بن إسماعيل أبو شامة: أن ( البدع الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها ،وهي كلمبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي،وذلك نحو بناء المنابر، والربط، والمدارس، وخانات السبيل، وغير ذلك من أنواع البر التي لم تعد في الصدر الأول ، فإنه موافق لما جاءت به الشريعة من اصطناع المعروف والمعاونة على البر والتقوى.
ومن أحسن ما ابتدع في زماننا من هذا القبيل ؛ ما كان يفعل بمدينة إربل ، جبرها الله تعالى، كل عام في اليوم الموافق ليوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء ، مشعر بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله ، وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم وعلى جميع المرسلين .
ونختم هذا بفتوى ابن عباد الرندي أوردها الإمام الرصاع في « فهرسته » قال: (إن هذا اليوم عيد من أعياد المسلمين ، لظهور نور خير الخلق فيه وسيد المرسلين ، فالتزين فيه بأحسن الثياب من اللباس ، واستعمال الطعام ، وإظهار المحبة بالركوب على أحسن الدواب ، وكثرة الصلاة عليه ، وإنشاد القصائد في صفته ، وتزيين الأولاد والمكاتب بما يجوز شرعا :لاشك في جواز ذلك كله إذا سلم من البدع المحرمة التي لا يجوز تعظيم شعائر الله تعالى بها).
ومتى عرفنا أن المولد استحسنه العلماء والمسلمون من مئات السنين وجرى به العمل في كل صقع حتى عصرنا ، انطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود: ((ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح)) أخرجه أحمد؛ وفي الحديث الآخر عنه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (( من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده، كتبت له مثل أجر من عمل بها ولا ينقض من أجورهم شيء)) . ناهيك أن إفراد المولد النبوي بالذكر والصدقة والمدح وتعظيم الجناب النبوي مطلوب ولاشك شرعا ، وهذا من البدهي ولا يحتاج إلى بيان لأدنى طالب علم!.
إقتباس من حوار أجراه الدكتور رشيد هكوس مع فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى غانم السكوني الحسيني