الجهاد في سبيل الله
صفات عباد الرحمن :الجهاد في سبيل الله
الجهاد يطلق غالبا على جهاد الكفار وقتالهم، من المعاندين ، والمحاربين، والمرتدين، والبغاة، ونحوهم، ومقصوده إعلاء كلمة الله -عز وجل.
قال ابن قيم الجوزية: و التحقيق أن جنس الجهاد فرض عين إما بالقلب, و إما باللسان, و إما بالمال, و إما باليد, فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من الأنواع [1]
قال تعالى :
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ 216البقرة.
وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ {190} البقرة .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أي الناس أفضل فقال : رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه قال : ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ربه ويدع الناس من شره.[2]
عن أنس بن مالك رضي الله عنه,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لغدوة[3] في سبيل الله أو روحة[4] خير من الدنيا وما فيها.[5]
عن العرباض بن سارية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل عمل منقطع عن صاحبه إذا مات, إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله[6] ويجرى عليه رزقه إلى يوم القيامة[7].
و المعنى, عمله الصالح في زيادة وثوابه مضاعف, و يحيه الله تعالى حياة صحيحة ليمده بخيرات الجنة حتى يشعر بنعيمها، مصداقا لقوله تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ {169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {170}آل عمران .
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذروة سنام الإسلام : الجهاد في سبيل الله، لا يناله إلا أفضلهم.[8]
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته [9].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوم قدموا من الجهاد: مرحبا بكم قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر, قيل يا رسول الله وما الجهاد الأكبر, قال جهاد النفس[10].
و قال أيضا : المهاجر من هجر ما نهى الله عنه والمجاهد من جاهد نفسه في ذات الله[11] .
و لنقف عند قول الدكتور يوسف القرضاوي، الذي أكد أن : الجهاد فريضة أخلاقية إسلامية لا تصح إلا بشروط أهمها : توحيد الله, وصد الظلم والشرك, والدفاع عن الحرمات, والشرف والحق، لأن الله فرق بين الجهاد كرسالة سامية وبين العدوان الذي يدل على الظلم والرذيلة…
و أضاف أن الله شرع الدفاع عن الحق لدفع الظلم , إذا تعرضت دار الإسلام للعدوان أو تعرض المسلمون للفتنة في دينهم، مستشهدا بقول الله تعالى:يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْل.
ولقد تبني الدكتور القرضاوي منهج الوسطية, بتميزه بين الجهاد الذي هو ذروة الإسلام, والإرهاب الذي هو ترويع للآمنين, مسلمين وغير مسلمين من أجل تحقيق أهداف سياسية. وفند مشروعية ما تقترفه الجماعات المتطرفة, من قتل عشوائي واستباحة لأرواح ودماء معصومة، في مخالفات صريحة لمبادئ أخلاقيات الجهاد في الإسلام. و لم يفوته التأكيد على أن أول أنواع الجهاد الواجب على الأمة في العصر الحالي, هو تحريرها من بقايا الاستعمار, وخصوصا في فلسطين…[12]
وما عسانا أن نقول لشخص يفجر نفسه(يقتل نفسه) في بلاد إسلامية في أسواق وباحات مكتظة بالمسلمين الأبرياء يشهدون لله بالوحدانية, في العراق… في المغرب أو الجزائر,…. بدعوى أنه يجاهد في سبيل الله: ما عساه, يقول للحق سبحانه يوم الحساب,لقتل نفسه وقتل مؤمنين بغير حق. و ما جوابه على قوله تبارك و تعالى:
…مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فكأنما قتل النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا…32.المائدة
نعم يجب أن نفرق بين مشروعية الجهاد في سبيل الله لتحرير فلسطين أو البلاد الإسلامية من براثين الإستعمار, والإرهاب الذي له أهداف سياسية محضة, تحت غطاء الدين.
والدين الإسلامي لم يكن أبدا دين إرهاب, بل دين عدل و سلام, و لنا في هذا المجال, ما يكفي من العبر في مواقف عدة لصحابة رسول الله صلى الله عليه سلم, يحكيها لنا تاريخ الأمة الإسلامية.
و في ختام هذا الباب. يجب أن نؤكد على أن أسمى درجات الجهاد هي نصرة الدين و الدعوة الى الله بالكلمة الطيبة و القدوة الحسنة, و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وكذا مجاهدة النفس والشيطان, بالتحلي بمكارم الأخلاق, والتخلي عن الرذائل. وطلب العلم و نشره يعد أيضا, جهادا في سبيل الله, لأن الله جعل للعلماء مكانة بين الأنبياء و الشهداء.
——————————————-
زاد المعاد 3/64 [1]
صحيح مسلم ح.1888-ج3/1503[2]
السير أول النار إلى الزوال[3]
السير من الزوال إلى آخر النهار[4]
صحيح مسلم ح.1880-ج3/1499[5]
عمله الصالح في زيادة وثوابه مضاعف[6]
يحيه الله تعالى حياة صحيحة ليمده بخيرات الجنة حتى يشعر بنعيمها[7]
الجامع الصغير السيوطي 4321 [8]
صحيح ابن حبان ح.4660-ج10/517[9]
نفس المرجع[10]
18/280 مجموع الفتاوى – الراوي ابن تيمية [11]
فقه الجهاد يوسف القرضاوي[12]