العدل و المسؤولية
صفات عباد الرحمن: العدل و المسؤولية
العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشرا، من غير تفرقة بين المستحقين.
فبالعدل أُنْزِلَتِ الكتب، وبُعِثَتِ الرسل، وبالعدل قامت السموات والأرض, و صلح البلاد والعباد, والتأمت الأمم والشعوب. لقوله تعالى: قَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ .25 الحديد
والعدل هو قوام الدنيا والدين و هو يشعر الناس بالاطمئنان والاستقرار، و هو حافز كبير لهم على الإقبال على العمل والإنتاج،
قال تعالى:
وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ …{58} النساء .
و الله يأمر بالقضاء بين الناس بالعدل والقسط، إذا قضيتم بينهم.
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {45}المائدة .
بمعنى, ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا أو جورا وهو يعلم فهو من الظالمين, لأنه لم ينصف المظلوم من الظالم, و لم يمتثل لأمر الله بالعدل و التسوية بين العباد, فخالف و ظلم. و قد نزلت الآية عن اليهود .وقال الحسن البصري : هي عليهم وعلى الناس عامة[1]
و قال النبي صلى الله عليه و سلم في حديث رواه أنس ابن مالك رضي الله عنه: …يا أنس, كتاب الله القصاص….[2] (قصة عمة أنس بن مالك و ثنية جارية من الأنصار)
عن عمر ابن العاص رضي الله عنه, قال, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران, وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر.[3]
و العدل مسؤولية الجميع, و هو عدل الإنسان في بيعه وشرائه ، وفي حكمه وقضائه ، وشهادته وأمانته ، ومنعه وعطائه ، وغير ذلك من المظاهر الاجتماعية الكثيرة, و عدل الآباء في تربية أولادهم, و عدل الناس فيما بينهم, و عدل أولي الأمر في رعيتهم. كما جاء في حديث رواه عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته, الإمام راع ومسؤول عن رعيته, والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته, والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها, والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته. قال : وحسبت أن قد قال :والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته, وكلكم راع ومسؤول عن رعيته.[4]
عن أبي الشماخ الأزدي عن بن عم له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتى معاوية فدخل عليه فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :من ولي أمرا من أمر الناس ثم أغلق بابه دون المسكين والمظلوم أو ذي الحاجة, أغلق الله تبارك وتعالى دونه أبواب رحمته عند حاجته, وفقره أفقر ما يكون إليه.[5]
عن ابن عمر رضي الله عنهما, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : السلطان ظل الله في الأرض يأوي إليه كل مظلوم من عباده، فان عدل كان له الأجر،- وكان يعني- على الرعية الشكر، وان جار، أو حاف، أو ظلم كان عليها الوزر، وعلى الرعية الصبر، وإذا جارت الولاة قحطت السماء، وإذا منعت الزكاة هلكت المواشي،وإذا ظهر الزنا ظهر الفقر، والمسكنة، وإذا أخفرت الذمة -ضاعت الأمانة- أديل الكفار أو كلمة نحوها [6].
عن سعد بن عبيدة عن بن بريدة عن أبيه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القضاة ثلاثة,قاضيان في النار وقاض في الجنة, قاض قضى بغير حق وهو يعلم, فذاك في النار. وقاض قضى وهو لا يعلم, فأهلك حقوق الناس, فذلك في النار, وقاض قضى بالحق, فذاك في الجنة.[7]
——————————————
رواه ابن الحاتم[1]
صحيح البخاري 4611[2]
مسند أحمد ح.17809-ج4/194[3]
صحيح البخاري ح.853-ج1/304[4]
مسند أحمد ح.15689-ج3/441[5]
الترغيب و الترهيب المنذري 3/186 لا يتطرق إليه احتمال التحسين.ذكر في ضعيف الترغيب الألباني بإسناد موضوع[6]
المعجم الكبير الطبراني ح.1154-ج2/20[7]