وقفة مع أحكام الصلاة – الشيخ محمد العريفي 1-2-3
أحكام على الصلاة مبنية على أحاديث كثيرة أهمها الحديث الشهير: (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري, إذا أراد المسلم أن يصلي فعليه أن يحرص على أن يصلي وأمامه سترة : جدار – سارية – كرسي.. الخ، وليحرص على أن تكون السترة التي يضعها أمامه قريبة منه فهذا من السنة، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها) أي وليقترب منها. رواه أبو داود وسنده صحيح، وقد استدل بعض العلماء بالحديث السابق على (وجوب) الصلاة خلف السترة والصواب أنه سنة وليس بواجب، فعلينا أن نحرص على هذه السنة امتثالا لأمر الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز لأحد أن يمر أمام المصلي، فقد وردت السنة بتحريم هذا الأمر، هذا بالنسبة للإمام والمنفرد.. أما المأموم فيجوز المرور أمامه وهو يصلي، والدليل على تحريم المرور أمام المصلي قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدعنّ أحداً يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله “أي يدفعه بقوة” فإن معه القرين) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه) متفق عليه, واستثنى بعض العلماء من يصلي في الحرم فيجوز أن نمرّ أمامه عند الحاجة لكثرة الزحام وصعوبة البحث عن طريق، وهو قول قوي قال به بعض السلف رحمهم الله ولنكن على يقين بنصر الله تعالى لعباده المخلصين..
أول أعمال الصلاة تكبيرة الإحرام وهي ركن لا تصح الصلاة إلا به، فيقول الإمام والمأموم والمنفرد عند الدخول إلى الصلاة: الله أكبر، ولا يجوز التلفّظ بالنية كقول بعضهم: نويت أن أصلي الظهر أربع ركعات وغير ذلك من الألفاظ، فإن هذا بدعة محدثة بدعة لم ترد عن النبي ولا عن صحبه، فإذا كبر تكبيرة الإحرام فإنه يستحب له أن يرفع يديه لتحاذي أذنيه أو منكبيه، والسنة رفع اليدين في أربعة مواضع: عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة، هذه هي المواضع الأربعة، ثم يدعو بدعاء الاستفتاح، وله عدة صيغ أشهرها: (سبحانك الله وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) وهي صيغة ثابتة صحيحة الإسناد، وهناك صيغة أصح إسناداً وهي: (اللهم باعد بيني وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسلني من خطاياى بالثلج والماء والبرد) وهي في الصحيحين، قال أبو هريرة “كان النبي إذا كبر في الصلاة سكت قبل أن يقرأ فقلت يا رسول الله: أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي.. الخ، ثم يقرأ الفاتحة بخشوع وتدبر، وهي أعظم سورة في القرآن وتدبرها من أعظم أدوية القلوب، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن وهذا مستحب وليس بواجب، فيجوز للمصلي إذا أتم الفاتحة أن يركع، لكن الأفضل أن يقرأ شيئا من القرآن، ثم يركع قائلاً (الله أكبر) ويحرص على أن يطمئن في ركوعه بحيث يستقر ظهره راكعا مدةً يستطيع فيها قول ما يجب من أذكار الركوع، والواجب في الركوع قول (سبحان ربي العظيم) يقولها ثلاث مرات أو أكثر من ذلك، وكان بعض السلف يستحبّ أن يقولها عشر مرات، وفي ذلك خير كبير وطمأنينة للقلب, ومن أذكار الركوع المستحبة: (سبّوح قدوس رب الملائكة والروح), ومنها كذلك: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)، (وكان صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) رواه البخاري ومسلم، وعموماً.. فالسنة في الركوع أن يكثر من تعظيم الله وتمجيده، قال صلى الله عليه وسلم: (أما الركوع فعظّموا فيه الرب عز وجل) رواه مسلم..
أحكام الرفع من الركوع, يرفع المصلي رأسه من الركوع قائلاً: سمع الله لمن حمده، هذا إذا كان إماماً أو منفرداً.. أما المأموم فلا يقولها وإنما يقول: ربنا ولك الحمد, الدليل على أن المأموم لا يقول سمع الله لمن حمده، قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد) متفق عليه. ومعنى سمع الله لمن حمده أي أن من حمد الله بقوله ربنا ولك الحمد فإن الله يسمعه ويستجيب له فكأن الإمام يقول إن الله يسمعكم ويستجيب لكم فاحمدوه, أثناء الرفع من الركوع هناك سنة ذكرناها سابقاً،السنة التي ذكرنا سابقا هي: سنة رفع اليدين حذو المنكبين أو الأذنين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه وعند القيام من التشهد الأول, وبعد أن يقول سمع الله لمن حمده، يقول: ربنا ولك الحمد, ولهذه الكلمة (ربنا ولك الحمد) أربع صيغ صحيحة ثابتة: ربنا ولك الحمد، ربنا لك الحمد، اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم ربنا لك الحمد, ويستحب له أن يقول بعد ربنا ولك الحمد: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد, ثم يقول : أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لامانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذلك الجد منك الجد, ومن السنة أن يقول أيضا: اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ. رواه مسلم. طبعا كما ذكرت لكم.. الواجب بعد سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد ، أما الباقي فسنة, ويسن للمسلم أن يطمئن في ذلك ولا يعجل قال أنس: كان النبي إذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول: قد أوهم، يظنونه نسي من طول قيامه. رواه مسلم. وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر الذكر والحمد والثناء في هذا الموضع أعني ما بعد الرفع من الركوع, ومن الأحكام في الرفع من الركوع أنه يستحب وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر كحالها أثناء القيام وهو اختيار شيخنا ابن باز, وقال بعض العلماء: لا يستحب قبض اليدين على الصدر أثناء الرفع من الركوع، والأمر في ذلك سهل لأن المسألة اجتهادية, ومما ينبغي التنبيه عليه: أن من الناس من يرفع يديه عند الرفع من الركوع كهيئة الدعاء، وهذا لا أصل له, أكتفي بهذا القدر لهذا اليوم وسأكمل بقية الأحكام قريباً إن شاء الله (يتبع)